الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : فِيمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْإِيلَاءُ وَذَلِكَ هُوَ تَرْكُ الْوَطْءِ، سَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ الرِّضَا أَوْ الْغَضَبِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ وَالشَّعْبِيُّ : لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْغَضَبِ ؛ وَالْقُرْآنُ عَامٌّ فِي كُلِّ حَالٍ، فَتَخْصِيصُهُ دُونَ دَلِيلٍ لَا يَجُوزُ.
وَهَذَا الْخِلَافُ انْبَنَى عَلَى أَصْلٍ، وَهُوَ أَنَّ مَفْهُومَ الْآيَةِ قَصْدُ الْمُضَارَّةِ بِالزَّوْجَةِ وَإِسْقَاطُ حَقِّهَا مِنْ الْوَطْءِ، فَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْوَطْءِ قَصْدًا لِلْإِضْرَارِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ : مَرَضٍ أَوْ رَضَاعٍ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُولِي، وَتَرْفَعُهُ إلَى الْحَاكِمِ إنْ شَاءَتْ، وَيُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ مِنْ يَوْمِ رَفْعِهِ، لِوُجُودِ مَعْنَى الْإِيلَاءِ فِي ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ الْإِيلَاءَ لَمْ يَرِدْ لَعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ لِمَعْنَاهُ ؛ وَهُوَ الْمُضَارَّةُ وَتَرْكُ الْوَطْءِ، حَتَّى قَالَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ حَلَفَ أَلَّا يَقْرَبَهَا لِأَجَلِ الرَّضَاعِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، لِأَنَّهُ قَصْدٌ صَحِيحٌ لَا إضْرَارَ فِيهِ.


الصفحة التالية
Icon