الْآيَةُ الْحَادِيَةُ وَالسَّبْعُونَ قَوْله تَعَالَى ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ هَذِهِ الْآيَةُ عُضْلَةٌ وَلَا يُتَخَلَّصُ مِنْهَا إلَّا بِجُرَيْعَةِ الذَّقَنِ مَعَ الْغَصَصِ بِهَا بُرْهَةً مِنْ الدَّهْرِ ؛ وَفِيهَا خَمْسَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةٍ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَقَلُّ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :﴿ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ﴾ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ﴾ فَإِذَا أَسْقَطَتْ حَوْلَيْنِ مِنْ ثَلَاثِينَ شَهْرًا بَقِيَتْ مِنْهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ؛ وَهِيَ مُدَّةُ الْحَمْلِ ؛ وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ الِاسْتِنْبَاطِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ﴾ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي فَائِدَةِ هَذَا التَّقْدِيرِ عَلَى قَوْلَيْنِ : فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهُ إذَا وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَرْضَعَتْ حَوْلَيْنِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَرْضَعَتْ وَاحِدًا وَعِشْرِينَ شَهْرًا، وَهَكَذَا تَتَدَاخَلُ مُدَّةُ الْحَمْلِ وَمُدَّةُ الرَّضَاعِ، وَيَأْخُذُ الْوَاحِدُ مِنْ الْآخَرِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إذَا اخْتَلَفَ الْأَبَوَانِ فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَالْفَصْلُ فِي فِصَالِهِ مِنْ الْحَاكِمِ حَوْلَانِ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ، وَأَكْثَرُهُ مَحْدُودٌ بِحَوْلَيْنِ مَعَ التَّرَاضِي بِنَصِّ الْقُرْآنِ.