الْمَالِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي صُورَةِ الْعِوَضِ.
وَالتِّجَارَةُ هِيَ مُقَابَلَةُ الْأَمْوَالِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَهُوَ الْبَيْعُ ؛ وَأَنْوَاعُهُ فِي مُتَعَلِّقَاتِهِ بِالْمَالِ كَالْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ، أَوْ مَا فِي مَعْنَى الْمَالِ كَالْمَنَافِعِ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ : عَيْنٌ بِعَيْنٍ، وَهُوَ بَيْعُ النَّقْدِ ؛ أَوْ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَهُوَ السَّلَمُ، أَوْ حَالٌّ وَهُوَ يَكُونُ فِي التَّمْرِ أَوْ عَلَى رَسْمِ الِاسْتِصْنَاعِ، أَوْ بَيْعُ عَيْنٍ بِمَنْفَعَةٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ.
وَالرِّبَا فِي اللُّغَةِ هُوَ الزِّيَادَةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الْآيَةِ كُلُّ زِيَادَةٍ لَمْ يُقَابِلْهَا عِوَضٌ ؛ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ لِعَيْنِهَا، بِدَلِيلِ جَوَازِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهِهِ، وَلَوْ كَانَتْ حَرَامًا مَا صَحَّ أَنْ يُقَابِلَهَا عِوَضٌ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهَا عَقْدٌ كَالْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَغَيْرِهَا.
وَتَبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ :" وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ الْمُطْلَقَ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْعِوَضُ عَلَى صِحَّةِ الْقَصْدِ وَالْعَمَلِ، وَحَرَّمَ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْبَاطِلِ ".
وَقَدْ كَانَتْ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَتَزِيدُ زِيَادَةً لَمْ يُقَابِلْهَا عِوَضٌ، وَكَانَتْ تَقُولُ : إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا أَيْ : إنَّمَا الزِّيَادَةُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ آخِرًا مِثْلُ أَصْلِ الثَّمَنِ فِي أَوَّلِ الْعَقْدِ ؛ فَرَدَّ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ، وَحَرَّمَ مَا اعْتَقَدُوهُ حَلَالًا عَلَيْهِمْ، وَأُوضِحَ أَنَّ الْأَجَلَ إذَا حَلَّ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُؤَدِّي أُنْظِرَ إلَى الْمَيْسَرَةِ تَخْفِيفًا، يُحَقِّقُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا تَظْهَرُ بَعْدَ تَقْدِيرِ الْعِوَضَيْنِ فِيهِ، وَذَلِكَ عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : تَوَلَّى الشَّرْعُ تَقْدِيرَ الْعِوَضِ فِيهِ، وَهُوَ الْأَمْوَالُ الرِّبَوِيَّةُ، فَلَا تَحِلُّ الزِّيَادَةُ فِيهِ.
وَأَمَّا الَّذِي وَكَّلَهُ إلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَالزِّيَادَةُ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَالِيَّةِ الْعِوَضَيْنِ عِنْدَ التَّقَابُلِ عَلَى قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ


الصفحة التالية
Icon