الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ قِيلَ : مَعْنَاهُ فَثَمَّ اللَّهُ، هَذَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجِهَةِ وَالْمَكَانِ عَنْهُ تَعَالَى، لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ فِي كُلِّ مَكَان بِعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ.
وَقِيلَ : مَعْنَاهُ فَثَمَّ قِبْلَةُ اللَّهِ، وَيَكُونُ الْوَجْهُ اسْمًا لِلتَّوَجُّهِ.
وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهِ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِالصَّلَاةِ عِبَادَةً، وَفَرَضَ فِيهَا الْخُشُوعَ اسْتِكْمَالًا لِلْعِبَادَةِ، وَأَلْزَمَ الْجَوَارِحَ السُّكُونَ، وَاللِّسَانَ الصَّمْتَ إلَّا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَنَصْبَ الْبَدَنِ إلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَنْفَى لِلْحَرَكَاتِ، وَأَقْعَدَ لِلْخَوَاطِرِ، وَعُيِّنَتْ لَهُ جِهَةُ الْكَعْبَةِ تَشْرِيفًا لَهُ.
وَقِيلَ لَهُ : إنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قِبَلَ وَجْهِك، مَعْنَاهُ أَنَّك قَصَدْت التَّوَجُّهَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَقَدْ عُيِّنَ لَك هَذَا الصَّوْبُ، فَهُنَالِكَ تَجِدُ ثَوَابَك، وَتَحْمَدُ إيَابَك.


الصفحة التالية
Icon