الْآيَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ أَوْرَدَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ خَمْسَةَ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُمْ الْمُنَافِقُونَ ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ.
الثَّانِي : أَنَّهُمْ الْمُرْتَدُّونَ ؛ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.
الثَّالِثُ : أَهْلُ الْكِتَابِ ؛ قَالَهُ الزَّجَّاجُ.
الرَّابِعُ : أَنَّهُمْ جَمِيعُ الْكُفَّارِ ؛ أَقَرُّوا بِالتَّوْحِيدِ فِي صُلْبِ آدَمَ ثُمَّ كَفَرُوا بَعْدَ ذَلِكَ ؛ قَالَهُ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ.
الْخَامِسُ : رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَأَيُّ كَلَامٍ أَبَيْنُ مِنْ هَذَا ؟ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُمْكِنٌ فِي مَعْنَى الْآيَةِ، لَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَّا بِدَلِيلٍ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْجَمِيعِ ؛ وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الْمُبْتَدِعَةَ وَأَهْلَ الْأَهْوَاءِ كُفَّارٌ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَكْفِيرِهِمْ.
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي تَرْتِيبُهُمْ، فَأَمَّا الْقَدَرِيَّةُ فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِمْ، وَأَمَّا مَنْ عَدَاهُمْ فَنَسْتَقْرِئُ فِيهِمْ الْأَدِلَّةَ، وَنَحْكُمُ بِمَا تَقْتَضِيهِ، وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، فَفِيهِمْ نَظَرٌ طَوِيلٌ ؛.


الصفحة التالية
Icon