الْآيَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ ﴿ : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِي الصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى قِيَامٍ وَقُعُودٍ وَمُضْطَجِعِينَ عَلَى جُنُوبِهِمْ.
الثَّانِي : أَنَّهَا فِي الْمَرِيضِ الَّذِي تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُ بِحَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِ ؛ قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ.
الثَّالِثُ : أَنَّهُ الذِّكْرُ الْمُطْلَقُ.
الرَّابِعُ : قَالَهُ ابْنُ فُورَكٍ : الْمَعْنَى قِيَامًا بِحَقِّ الذِّكْرِ وَقُعُودًا عَنْ الدَّعْوَى فِيهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي الْأَحَادِيثِ الْمُنَاسِبَةِ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهِيَ خَمْسَةٌ : الْأَوَّلُ : رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :﴿ بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إلَى قَوْلِهِ : فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقْرَأُ :{ إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ الْعَشْرَ الْآيَاتِ }.
الثَّانِي : رَوَى الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمْ ﴿ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ كَانَ بِهِ بَاسُورٌ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ﴾.
الثَّالِثُ : رَوَى الْأَئِمَّةُ مِنْهُمْ مُسْلِمٌ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ.
﴾ الرَّابِعُ :﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَحْجِزُهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ لَيْسَ الْجَنَابَةُ ﴾.
الْخَامِسُ : رَوَى أَبُو دَاوُد ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَسَنَّ وَحَمَلَ اللَّحْمَ اتَّخَذَ عَمُودًا فِي مُصَلَّاهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الصَّحِيحُ أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ ذِكْرٍ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ : مَنْ قَدَرَ صَلَّى قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ صَلَّى مُعْتَمِدًا عَلَى عَصًا،