أَحَدُ سَبَبَيْ زَوَالِهِ وَهُوَ الْمَرَضُ قَبْلَ وُجُودِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَوْتُ مُنِعَ مِنْ ثُلُثَيْ مَالِهِ، وَحُجِرَ عَلَيْهِ تَفْوِيتُهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ بِهِ، فَعَهِدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ إلَيْهِ، وَوَصَّى بِهِ لِيُعَلِّمَهُ فَيَعْمَلَ بِهِ ؛ وَوُجُوبُ الْحُكْمِ الْمُعَلَّقِ عَلَى سَبَبَيْنِ بِأَحَدِ سَبَبَيْهِ ثَابِتٌ مَعْلُومٌ فِي الْفِقْهِ ؛ لِجَوَازِ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ، وَقَبْلَ الْحِنْثِ، وَبَعْدَ الْخُرُوجِ، وَقَبْلَ الْمَوْتِ فِي الْقَتْلِ، وَكَذَلِكَ صَحَّ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ بِوُجُودِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَالِ قَبْلَ الْبَيْعِ.
وَأَمَّا تَنَاوُلُهُ لِلْخُلَفَاءِ الْحَاكِمِينَ فَلْيَقْضُوا بِهِ عَلَى مَنْ نَازَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُتَخَاصِمِينَ.
وَأَمَّا تَنَاوُلُهُ لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلْيَكُونُوا بِهِ عَالِمِينَ، وَلِمَنْ جَهِلَهُ مُبَيِّنِينَ، وَعَلَى مَنْ خَالَفَهُ مُنْكِرِينَ، وَهَذَا فَرْضٌ يَعُمُّ الْخَلْقَ أَجْمَعِينَ، وَهُوَ فَنٌّ غَرِيبٌ مِنْ تَنَاوُلِ الْخِطَابِ لِلْمُخَاطَبِينَ، فَافْهَمُوهُ وَاعْمَلُوا بِهِ وَحَافِظُوا عَلَيْهِ وَاحْفَظُوهُ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي سَبَبِ نُزُولِهَا : وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا لَا يُوَرِّثُونَ الضُّعَفَاءَ مِنْ الْغِلْمَانِ وَلَا الْجَوَارِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، وَبَيَّنَ حُكْمَهُ وَرَدَّ قَوْلَهُمْ.
الثَّانِي : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدِينَ وَالْأَقْرِبَاءِ ؛ فَرَدَّ اللَّهُ ذَلِكَ وَبَيَّنَ الْمَوَارِيثَ، رَوَاهُ فِي الصَّحِيحِ.
الثَّالِثُ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، وَهُوَ مُقَارَبُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ، رَوَى عَنْ { جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جِئْنَا امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ فِي الْأَسْوَاقِ، وَهِيَ جَدَّةُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، فَزُرْنَاهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَعَرَّشَتْ لَنَا صَوْرًا فَقَعَدْنَا تَحْتَهُ، وَذَبَحَتْ لَنَا شَاةً