الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ﴾ وَهِيَ مُعْضِلَةٌ عَظِيمَةٌ فَإِنَّهُ تَعَالَى لَوْ قَالَ : فَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ لَانْقَطَعَ النِّزَاعُ، فَلَمَّا جَاءَ الْقَوْلُ هَكَذَا مُشْكِلًا وَبَيَّنَ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ بِالنِّصْفِ وَحُكْمَ مَا زَادَ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ بِالثُّلُثَيْنِ، وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ الْبِنْتَيْنِ أُشْكِلَتْ الْحَالُ، فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : تُعْطَى الْبَنَاتُ النِّصْفَ، كَمَا تُعْطَى الْوَاحِدَةُ ؛ إلْحَاقًا لِلْبِنْتَيْنِ بِالْوَاحِدَةِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَمَّا زَادَ عَلَى الْبِنْتَيْنِ فَتَخْتَصُّ الزِّيَادَةُ بِتِلْكَ الْحَالِ.
الْجَوَابُ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَوْ كَانَ مُبَيِّنًا حَالَ الْبِنْتَيْنِ بَيَانَهُ لِحَالِ الْوَاحِدَةِ وَمَا فَوْقَ الْبِنْتَيْنِ لَكَانَ ذَلِكَ قَاطِعًا، وَلَكِنَّهُ سَاقَ الْأَمْرَ مَسَاقَ الْإِشْكَالِ ؛ لِتَتَبَيَّنَ دَرَجَةُ الْعَالِمِينَ، وَتَرْتَفِعَ مَنْزِلَةُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي أَيِّ الْمَرْتَبَتَيْنِ [ فِي ] إلْحَاقِ الْبِنْتَيْنِ أَحَقُّ ؟ وَإِلْحَاقُهُمَا بِمَا فَوْقَ الِاثْنَتَيْنِ أَوْلَى مِنْ سِتَّةِ أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا قَالَ :﴿ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ إذَا وَجَبَ لَهَا مَعَ أَخِيهَا الثُّلُثُ فَأَوْلَى وَأَحْرَى أَنْ يَجِبَ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أُخْتِهَا.
الثَّانِي : أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ :﴿ أَنَّهُ قَضَى فِي بِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَأُخْتٍ بِالسُّدُسِ لِبِنْتِ الِابْنِ، وَالنِّصْفِ لِلْبِنْتِ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَلِلْأُخْتِ ﴾، فَإِذَا كَانَ لِبِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ الثُّلُثَانِ فَأَحْرَى وَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهَا ذَلِكَ مَعَ أُخْتِهَا.
الثَّالِثُ :﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالثُّلُثَيْنِ لِابْنَتَيْ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ ﴾ كَمَا قَدَّمْنَا،


الصفحة التالية
Icon