الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ﴾ إلَى قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :﴿ الثُّلُثُ ﴾ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : سَوَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ، وَفَاضَلَ بَيْنَهُمَا مَعَ عَدَمِهِ فِي أَنْ جَعَلَ سَهْمَيْهِمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُمَا يُدْلِيَانِ بِقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ الْأُبُوَّةُ، فَاسْتَوَيَا مَعَ وُجُودِ الْوَلَدِ ؛ فَإِنْ عَدِمَ الْوَلَدُ فَضَلَ الْأَبُ الْأُمَّ بِالذُّكُورَةِ وَالنُّصْرَةِ وَوُجُوبِ الْمُؤْنَةِ عَلَيْهِ، وَثَبَتَتْ الْأُمُّ عَلَى سَهْمٍ لِأَجْلِ الْقَرَابَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : إذَا اجْتَمَعَ الْآبَاءُ وَالْأَوْلَادُ قَدَّمَ اللَّهُ الْأَوْلَادَ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ كَانَ يُقَدِّمُ وَلَدَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَوَدُّ أَنَّهُ يَرَاهُ فَوْقَهُ وَيَكْتَسِبُ لَهُ ؛ فَقِيلَ لَهُ : حَالُ حَفِيدِكَ مَعَ وَلَدِكِ كَحَالِكَ مَعَ وَلَدِكِ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ ﴾ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ، مَعَ عَدِمَ الْأَوْلَادِ إلَّا الْأَبَوَانِ ؛ فَكَانَ ظَاهِرُ الْكَلَامِ أَنْ يَقُولَ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ زِيَادَةَ الْوَاوِ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ أَمْرٌ مُسْتَقِرٌّ خَبَّرَ عَنْ ثُبُوتِهِ وَاسْتِقْرَارِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ أَسْقَطُوا الْإِخْوَةَ، وَشَارَكَهُمْ الْأَبُ، وَأَخَذَ حَظَّهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ مَنْ أُسْقِطُوا، بَلْ أَوْلَى، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْأَخَ بِالْأَبِ يُدْلِي فَيَقُولُ : أَنَا ابْنُ أَبِيهِ، فَلَمَّا كَانَ وَاسِطَتُهُ وَسَبَبُهُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ هُوَ الْأَبُ كَانَ سَبَبُهُ أَوْلَى مِنْهُ وَمَانِعًا لَهُ ؛ فَيَكُونُ حَالُ الْوَالِدَيْنِ عِنْدَ انْفِرَادِهِمَا كَحَالِ الْوَالِدَيْنِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَيَجْتَمِعُ بِذَلِكَ لِلْأَبِ فَرْضَانِ : السَّهْمُ، وَالتَّعْصِيبُ، وَهَذَا عَدْلٌ فِي الْحُكْمِ