سِتَّ بَنَاتٍ، وَتَرَكَ دَيْنًا، فَلَمَّا حَضَرَ جِدَادُ النَّخْلِ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ قَدْ عَلِمْت أَنَّ وَالِدِي اُسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَرَاكَ الْغُرَمَاءُ.
قَالَ : اذْهَبْ فَبَيْدِرْ كُلَّ تَمْرَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَفَعَلْت : فَلَمَّا دَعَوْتُهُ وَحَضَرَ عِنْدِي وَنَظَرُوا إلَيْهِ كَأَنَّمَا أُغْرُوا بِي تِلْكَ السَّاعَةَ، فَلَمَّا رَأَى مَا يَصْنَعُونَ طَافَ حَوْلَ أَعْظَمِهَا بَيْدَرًا فَجَلَسَ عَلَيْهِ، وَقَالَ : اُدْعُ أَصْحَابَكَ ؛ فَمَا زَالَ يَكِيلُ لَهُمْ حَتَّى أَدَّى اللَّهُ أَمَانَةَ وَالِدِي }.
فَقَدَّمَ الدَّيْنَ عَلَى الْمِيرَاثِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ :﴿ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ فَقَالُوا : صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ : هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ قَالُوا : لَا، فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا.
فَقَالَ : هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ.
قَالَ : فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا ؟ قَالُوا : ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.
ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ فَقَالُوا : صَلِّ عَلَيْهَا.
فَقَالَ : هَلْ تَرَكَ شَيْئًا ؟ قَالُوا : لَا، قَالَ : أَعَلَيْهِ دَيْنٌ ؟ قَالُوا : ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ.
قَالَ : صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ.
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ : صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ ﴾، فَجَعَلَ الْوَفَاءَ بِمُقَابَلَةِ الدَّيْنِ.
وَلِهَذِهِ الْآثَارِ وَالْمَعَانِي السَّالِفَةِ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ، وَأَنْتُمْ تُقَدِّمُونَ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ الدَّيْنِ.
فَإِنْ قِيلَ : فَمَا الْحِكْمَةُ فِي تَقْدِيمِ ذِكْرِ الْوَصِيَّةِ عَلَى ذِكْرِ الدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهَا ؟ قُلْنَا ؛ فِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّ " أَوْ " لَا تُوجِبُ تَرْتِيبًا،