بِصِفَةِ الْقَرَابَةِ حِينَ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ عَلَى التُّهْمَةِ، كَمَا عُلِّقَتْ رُخَصُ السَّفَرِ بِصُورَةِ السَّفَرِ حِينَ تَعَذَّرَ الْوُقُوفُ عَلَى تَحْرِيرِ الْمَشَقَّةِ وَوُجُودِهَا.
وَرَاعَى الشَّافِعِيُّ فِي نَظَرِهِ أَنَّ هَذِهِ حَالَةُ إخْبَارٍ عَنْ حَقٍّ وَاجِبٍ يُضَافُ إلَى سَبَبٍ جَائِزٍ فِي حَالَةٍ يُؤْمِنُ فِيهَا الْكَافِرُ، وَيَتَّقِي فِيهَا الْفَاجِرُ، وَيَتُوبُ فِيهَا الْعَاصِي، فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ، وَجَوَّزَهُ.
فَإِنْ قَالَ : الْإِقْرَارُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الْمَرَضُ.
قُلْنَا : وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ حُجَّةً شَرْعِيَّةً [ فَإِنَّ الْهِبَةَ صِلَةٌ شَرْعِيَّةٌ ]، وَلَكِنْ حَجَرَهَا الْمَرَضُ.
كَذَلِكَ تَحْجُرُ التُّهْمَةُ الْإِقْرَارَ، وَكَمَا رَدَّتْ التُّهْمَةُ الشَّهَادَةَ أَيْضًا.
وَأَمَّا نَظَرُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى صُورَةِ الْقَرَابَةِ فَفِيهِ إلْغَاءُ الْعِلَّةِ فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا وَقَصْرٌ لَهَا عَلَى مُورِدِهَا.
وَيَنْبَغِي أَنَّ تَطَّرِدَ الْعِلَّةُ حَيْثُ وُجِدَتْ مَا لَمْ يَقِفْ دُونَهَا دَلِيلُ تَخْصِيصٍ، فَعَلَى هَذَا إذَا وَجَدْنَا التُّهْمَةَ فِي غَيْرِ الْقَرِيبِ مِنْ صَدِيقٍ مُلَاطِفٍ حَكَمْنَا بِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ، وَكَمْ مِنْ صَدِيقٍ أَلْصَقُ مِنْ قَرِيبٍ وَأَحْكُمُ عُقْدَةً فِي الْمَوَدَّةِ.