الْآيَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاَللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
فِيهَا سَبْعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : مَعْنَى الْإِحْصَانِ هَاهُنَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ ؛ فَقَالَ قَوْمٌ : هُوَ الْإِسْلَامُ ؛ قَائِلُهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالزُّهْرِيِّ وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ آخَرُونَ : أُحْصِنَّ : تَزَوَّجْنَ ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ : هُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْعَبْدُ حُرَّةً وَالْأَمَةُ حُرًّا، وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : تُحَدُّ الْكَافِرَةُ عَلَى الزِّنَا، وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ وَلَا النِّكَاحُ.
وَقُرِئَ أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَأُحْصِنَّ بِضَمِّهَا، فَمَنْ قَرَأَ بِالْفَتْحِ قَالَ مَعْنَاهُ : أَسْلَمْنَ، وَالْإِسْلَامُ أَحَدُ مَعَانِي الْإِحْصَانِ.
وَمَنْ قَرَأَ أُحْصِنَّ بِالضَّمِّ قَالَ مَعْنَاهُ : زُوِّجْنَ.
وَقَدْ يُحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ زُوِّجْنَ، فَيُضَافُ الْفِعْلُ إلَيْهِنَّ لِمَا وُجِدَ بِهِنَّ.
وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُحْصِنَّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ : أَسْلَمْنَ : مَعْنَاهُ مُنِعْنَ بِالْإِسْلَامِ مِنْ أَحْكَامِ الْكُفْرِ.
وَالظَّاهِرُ فِي الْإِطْلَاقِ هُوَ الْأَوَّلُ.
وَمَنْ شَرَطَ نِكَاحَ الْحُرِّ وَالْحُرَّةِ لَا مَعْنَى لَهُ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.
وَالْإِحْصَانُ هُوَ الْإِسْلَامُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ دَرَجَاتِ الْإِحْصَانِ، فَلَا يَنْزِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ، وَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْآيَةِ : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَنْكِحَ الْحَرَائِرَ الْمُؤْمِنَاتِ فَلْيَنْكِحْ الْمَمْلُوكَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ، فَإِذَا أَسْلَمْنَ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْحَرَائِرِ مِنْ الْحَدِّ.
وَلَا يَتَنَصَّفُ الرَّجْمُ، فَلْيَسْقُطْ اعْتِبَارُهُ.
وَيَكُونُ الْمُرَادُ مَا يَتَشَطَّرُ وَهُوَ الْجَلْدُ، وَعَلَى قَوْلِ الْآخَرِينَ يَكُونُ التَّقْدِيرُ : فَإِذَا تَزَوَّجْنَ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا