رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ، ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ }.
وَفِي رِوَايَةِ مَيْمُونَةَ ﴿ ثُمَّ غَسَلَ جَسَدَهُ ﴾.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنَابَةٌ، فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ، وَأَنْقُوا الْبَشَرَةَ ﴾.
قَالَ أَبُو دَاوُد : لَمْ أُدْخِلْ فِي كِتَابِي إلَّا الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ، أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْ الصَّحِيحِ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : لَمَّا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ :﴿ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ وَفَهِمَ الْكُلُّ مِنْهُ عُمُومَ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ وَالْغُسْلِ بَالَغَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ : إنَّ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَاجِبَانِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الْوَجْهِ، وَحُكْمُهُمَا حُكْمٌ ظَاهِرُ الْوَجْهِ بِدَلِيلِ غَسْلِهِمَا مِنْ النَّجَاسَةِ، كَمَا يُغْسَلُ الْخَدُّ وَالْجَبِينُ ؛ وَهِيَ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ كَبِيرَةٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَا فِيهَا.
وَاللُّبَابُ مِنْهَا أَنَّ الْفَمَ وَالْأَنْفَ بَاطِنَانِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا ؛ أَمَّا الْحَقِيقَةُ فَإِنَّكَ تُشَاهِدُ بُطُونَهُمَا فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ ؛ وَأَمَّا الْحُكْمُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الصَّائِمَ إذَا بَلَعَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ الرِّيقِ فِي فَمِهِ فَلَا يُفْطِرُ، وَلَوْ ابْتَلَعَهُ مِنْ يَدِهِ لَأَفْطَرَ.
الثَّانِي : أَنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ مَعَ أَنَّهُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ، وَالْمَسْأَلَةُ هُنَاكَ مُسْتَوْفَاةٌ، فَمَنْ أَرَادَهَا وَجَدَهَا.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : إنَّ اسْمَ الْجَنَابَةِ بَاقٍ عَلَيْهِ حَتَّى يَغْتَسِلَ ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُ مُدَّةٍ إلَى غَايَةٍ هِيَ الِاغْتِسَالُ، وَالْحُكْمُ الْمُعَلَّقُ بِالْغَايَةِ يَمْتَدُّ إلَى غَايَتِهِ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَيْهِ فِي كُتُبِ الْمَسَائِلِ.