وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا } إلَى هَذَا الْحَدِّ نَزَلَ فِي قِصَّةِ عَلِيٍّ، وَأَنَّ مَا وَرَاءَهَا قِصَّةٌ أُخْرَى وَحُكْمٌ آخَرُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا شَيْءٌ مِنْهُ، فَلَمَّا نَزَلَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ قُرِنَتْ بِهَا.
وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ هَذَا الظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ يُذْكَرُ التَّيَمُّمُ فِيهَا فِي الْمَائِدَةِ، وَهِيَ النَّازِلَةُ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ، وَكَانَ الْوُضُوءُ مَفْعُولًا غَيْرَ مَتْلُوٍّ، فَكَمُلَ ذِكْرُهُ وَعَقَّبَ بِذِكْرِ بَدَلِهِ وَاسْتُوْفِيَتْ النَّوَاقِضُ فِيهِ، ثُمَّ أُعِيدَتْ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى ﴾ إلَى آخِرِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ مُرَكَّبَةً عَلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ حَتَّى تَكْمُلَ تِلْكَ الْآيَةُ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ جَاءَ بِأَعْيَانِ مَسَائِلِهَا كَمَالُ هَذِهِ، وَيَتَكَرَّرُ الْبَيَانُ، وَلَيْسَ لَهَا نَظِيرٌ فِي الْقُرْآنِ.
وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ آيَةَ عَائِشَةَ هِيَ آيَةُ الْمَائِدَةِ أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ بِالْمَدِينَةِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ ﴾ يَعْنِي مِنْ النَّوْمِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.