الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : رُدُّوهُ إلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَإِذَا لَمْ تَجِدُوهُ فَإِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوهُ فَكَمَا قَالَ عَلِيٌّ : مَا عِنْدَنَا إلَّا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، أَوْ فَهْمٌ أُوتِيهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، وَكَمَا ﴿ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ : بِمَ تَحْكُمُ ؟ قَالَ : بِكِتَابِ اللَّهِ.
قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَجِدْ.
قَالَ : بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَجِدْ ؟ قَالَ : أَجْتَهِدُ رَأْيِي، وَلَا آلُو.
قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ ﴾
.
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا لَا يَصِحُّ.
قُلْنَا : قَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ " شَرْحِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " وَكِتَابِ " نَوَاهِي الدَّوَاهِي " صِحَّتَهُ، وَأَخَذَ الْخُلَفَاءُ كُلُّهُمْ بِذَلِكَ ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ لِلْأَنْصَارِ : إنَّ اللَّهَ جَعَلَكُمْ الْمُفْلِحِينَ، وَسَمَّانَا الصَّادِقِينَ ؛ فَقَالَ :﴿ لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ ﴾ إلَى قَوْله تَعَالَى :﴿ أُولَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ ﴾.
ثُمَّ قَالَ :﴿ وَاَلَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ فَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ﴾.
وَقَدْ أَمَرَكُمْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ تَكُونُوا مَعَنَا حَيْثُ كُنَّا، فَقَالَ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.
﴿ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أُوصِيكُمْ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا ﴾.
وَلَوْ كَانَ لَكُمْ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا أَوْصَى بِكُمْ ".
وَقَالَ لَهُ عُمَرُ حِينَ ارْتَدَّ مَانِعُوا الزَّكَاةِ : خُذْ مِنْهُمْ الصَّلَاةَ وَدَعْ الزَّكَاةَ.
فَقَالَ : لَا أَفْعَلُ ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَالصَّلَاةَ حَقُّ الْبَدَنِ.
وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : نَرْضَى لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ


الصفحة التالية
Icon