الْمُسْلِمِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ، وَالْأَهْلُ مِثْلُهُ أَوْ آكَدُ، فَهَذِهِ أُمَّهَاتُ قِسْمِ الْهَرَبِ.
وَأَمَّا قِسْمُ الطَّلَبِ فَيَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ : طَلَبُ دِينٍ وَطَلَبُ دُنْيَا ؛ فَأَمَّا طَلَبُ الدِّينِ فَيَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ أَنْوَاعِهِ، وَلَكِنَّ أُمَّهَاتِهِ الْحَاضِرَةَ عِنْدِي الْآنَ تِسْعَةٌ : الْأَوَّلُ : سَفَرُ الْعِبْرَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾.
وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَيُقَالُ : إنَّ ذَا الْقَرْنَيْنِ إنَّمَا طَافَ الْأَرْضَ لِيَرَى عَجَائِبَهَا.
وَقِيلَ : لَيُنْفِذَ الْحَقَّ فِيهَا.
الثَّانِي : سَفَرُ الْحَجِّ.
وَالْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ نَدْبًا فَهَذَا فَرْضٌ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ.
الثَّالِثُ : سَفَرُ الْجِهَادِ، وَلَهُ أَحْكَامُهُ.
الرَّابِعُ : سَفَرُ الْمَعَاشِ ؛ فَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَى الرَّجُلِ مَعَاشُهُ مَعَ الْإِقَامَةِ، فَيَخْرُجُ فِي طَلَبِهِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ صَيْدٍ أَوْ احْتِطَابٍ أَوْ احْتِشَاشٍ أَوْ اسْتِئْجَارٍ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ.
الْخَامِسُ : سَفَرُ التِّجَارَةِ وَالْكَسْبِ الْكَثِيرِ الزَّائِدِ عَلَى الْقُوتِ ؛ وَذَلِكَ جَائِزٌ بِفَضْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ.
قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ يَعْنِي : التِّجَارَةَ.
وَهَذِهِ نِعْمَةٌ مَنَّ بِهَا فِي سَفَرِ الْحَجِّ، فَكَيْفَ إذَا انْفَرَدَتْ.
السَّادِسُ : فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَهُوَ مَشْهُورٌ.
السَّابِعُ : قَصْدُ الْبِقَاعِ الْكَرِيمَةِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي نَوْعَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْمَسَاجِدُ الْإِلَهِيَّةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ : مَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ﴾.
الثَّانِي : الثُّغُورُ لِلرِّبَاطِ بِهَا، وَتَكْثِيرُ سَوَادِهَا لِلذَّبِّ عَنْهَا ؛ فَفِي ذَلِكَ فَضْلٌ كَثِيرٌ.
الثَّامِنُ : زِيَارَةُ الْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ.