الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ :﴿ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ، وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ، وَالْوَاشِرَةَ وَالْمُوتَشِرَةَ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ ﴾.
فَالْوَاشِمَةُ هِيَ الَّتِي تَجْرَحُ الْبَدَنَ نُقَطًا أَوْ خُطُوطًا، فَإِذَا جَرَى الدَّمُ حَشَتْهُ كُحْلًا، فَيَأْتِي خِيلَانًا وَصُوَرًا فَيَتَزَيَّنُ بِهَا النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ ؟ وَرِجَالُ صِقِلِّيَّةَ وَإِفْرِيقِيَّةَ يَفْعَلُونَهُ لِيَدُلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى رُجْلَتِهِ فِي حَدَاثَتِهِ.
وَالنَّامِصَةُ : هِيَ نَاتِفَةُ الشَّعْرِ، تَتَحَسَّنُ بِهِ.
وَأَهْلُ مِصْرَ يَنْتِفُونَ شَعْرَ الْعَانَةِ، وَهُوَ مِنْهُ ؛ فَإِنَّ السُّنَّةَ حَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ، فَأَمَّا نَتْفُ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يُرْخِيهِ وَيُؤْذِيهِ وَيُبْطِلُ كَثِيرًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِيهِ.
وَالْوَاشِرَةُ : هِيَ الَّتِي تُحَدِّدُ أَسْنَانَهَا.
وَالْمُتَفَلِّجَةُ : هِيَ الَّتِي تَجْعَلُ بَيْنَ الْأَسْنَانِ فَرْجًا وَهَذَا كُلُّهُ تَبْدِيلٌ لِلْخِلْقَةِ، وَتَغْيِيرٌ لِلْهَيْئَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ.
وَبِنَحْوِ هَذَا قَالَ الْحَسَنُ فِي الْآيَةِ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا : التَّغْيِيرُ لِخَلْقِ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ دِينَ اللَّهِ ؛ وَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا فَلَا نَقُولُ : إنَّهُ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، وَلَكِنَّهُ مِمَّا غَيَّرَ الشَّيْطَانُ وَحَمَلَ الْآبَاءَ عَلَى تَغْيِيرِهِ، وَكُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، ثُمَّ يَقَعُ التَّغْيِيرُ عَلَى يَدِي الْأَبِ وَالْكَافِلِ وَالصَّاحِبِ، وَذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمِنْ التَّابِعِينَ جُمْلَةً : تَوْخِيَةُ الْخِصَاءِ تَغْيِيرُ خَلْقِ اللَّهِ.
فَأَمَّا فِي الْآدَمِيِّ فَمُصِيبَةٌ، وَأَمَّا فِي [ الْحَيَوَانِ ] وَالْبَهَائِمِ فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : هُوَ مَكْرُوهٌ، لِأَجْلِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon