الْآيَةُ السَّابِعَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي كَيْفِيَّةِ فِعْلِهِمْ : وَاخْتَلَفَ فِيهِ نَقْلُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ : الْأُولَى : رُوِيَ أَنَّ زَكَرِيَّا قَالَ : أَنَا أَحَقُّ بِهَا، خَالَتُهَا عِنْدِي.
وَقَالَ بَنُو إسْرَائِيلَ : نَحْنُ أَحَقُّ بِهَا، بِنْتُ عَالِمِنَا، فَاقْتَرَعُوا عَلَيْهَا بِالْأَقْلَامِ، وَجَاءَ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَلَمِهِ، وَاتَّفَقُوا أَنْ يَجْعَلُوا الْأَقْلَامَ فِي الْمَاءِ الْجَارِي، فَمَنْ وَقَفَ قَلَمُهُ وَلَمْ يَجْرِ فِي الْمَاءِ فَهُوَ صَاحِبُهَا.
قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ فَجَرَتْ الْأَقْلَامُ وَعَالَ قَلَمُ زَكَرِيَّا ﴾ كَانَتْ آيَةً ؛ لِأَنَّهُ نَبِيٌّ تَجْرِي الْآيَاتُ عَلَى يَدِهِ.
الثَّانِي : أَنَّ زَكَرِيَّا كَانَ يَكْفُلُهَا حَتَّى كَانَ عَامُ مَجَاعَةٍ فَعَجَزَ وَأَرَادَ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتَرِعُوا، فَاقْتَرَعُوا، فَوَقَعَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِمْ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ تَخْصِيصِهِ بِهَا.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ أَنَّهَا لَمَّا نَذَرَتْهَا لِلَّهِ تَخَلَّتْ عَنْهَا حِينَ بَلَغَتْ السَّعْيَ، وَاسْتَقَلَّتْ بِنَفْسِهَا، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا بُدٌّ مِنْ قَيِّمٍ، إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِرَادُهَا بِنَفْسِهَا، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ فَكَانَ مَا كَانَ.


الصفحة التالية
Icon