: يَغْسِلُ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا مَعَ الْوَجْهِ، وَيَمْسَحُ مَا أَدْبَرَ مِنْهُمَا مَعَ الرَّأْسِ، وَاخْتَارَهُ الطَّبَرِيُّ.
أَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهَا مِنْ الرَّأْسِ فَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ تَذْكُرْهُمَا فِي الْوُضُوءِ ؛ وَهَذَا ضَعِيفٌ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا ذَكَرَتْهُمَا.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّهُمَا مِنْ الْوَجْهِ فَنَزَعَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُجُودِهِ :﴿ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ ﴾ وَإِنَّمَا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَجْهِهِ جُمْلَتَهُ، وَالسَّمْعُ وَإِنْ كَانَ فِي الرَّأْسِ، وَالْبَصَرُ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَجْهِ فَالْكُلُّ مُضَافٌ إلَى الْوَجْهِ ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْجَارِحَةِ وَلِلْقَصْدِ، فَأَضَافَهُ إلَى الِاسْمِ الْعَامِّ لِلْمَعْنَيَيْنِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِالْفَرْقِ فَلَا مَعْنَى لَهُ فَإِنَّهُ تَحَكُّمٌ لَا تَعْضُدُهُ لُغَةٌ، وَلَا تَشْهَدُ لَهُ شَرِيعَةٌ.
وَالصَّحِيحُ أَلَّا يَشْتَغِلَ بِهِمَا، هَلْ هُمَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ مِنْ الْوَجْهِ ؟ وَأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَهُمَا، فَبَيَّنَ مَسْحَ الرَّأْسِ، وَأَنَّهُمَا يُمْسَحَانِ كَمَا يُمْسَحُ الرَّأْسُ، وَهُمَا مُضَافَانِ إلَيْهِ شَرْعًا ؛ لِأَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِذَا مَسَحَ رَأْسَهُ خَرَجَتْ خَطَايَا رَأْسِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ.


الصفحة التالية
Icon