الْآيَةُ الْحَادِيَةُ وَالسِّتُّونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾.
هَذَا رَدٌّ عَلَى النَّصَارَى الَّذِينَ يَقُولُونَ : إنَّ عِيسَى وَلَدُ اللَّهِ، وَرَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ : إنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
يَقُولُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُمْ : إنَّ مَنْ نَسَبْتُمُوهُ إلَى وِلَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، مِنْ آدَمِيٍّ وَمَلِكٍ، لَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ، فَكَيْفَ تَجْعَلُونَهُ وَلَدًا ؟ وَلَوْ كَانَ اجْتِمَاعُ الْعُبُودِيَّةِ وَالْوِلَادَةِ جَائِزًا مَا كَانَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :﴿ وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾.
فَإِنْ قِيلَ : مَا مَعْنَى ﴿ يَسْتَنْكِفَ ﴾ فِي اللُّغَةِ ؟ قُلْنَا : هُوَ يَسْتَفْعِلُ، مِنْ نَكَفْت كَذَا إذَا نَحَّيْته، وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَعْنَى.
التَّقْدِيرُ لَنْ يَتَنَحَّى مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَبْعُدُ عَنْهُ، وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ.