عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ هَؤُلَاءِ وَلَمْ يَسْتَتِبْهُمْ.
وَقِيلَ : يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ، وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِتَابَةَ هَؤُلَاءِ لِمَا أَحْدَثُوا مِنْ الْقَتْلِ وَالْمُثْلَةِ وَالْحَرْبِ ؛ وَإِنَّمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ الَّذِي يَرْتَابُ فَيَسْتَرِيبُ بِهِ وَيُرْشَدُ، وَيُبَيَّنُ لَهُ الْمُشْكِلُ، وَتُجْلَى لَهُ الشُّبْهَةُ.
فَإِنْ قِيلَ : فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّ هَذِهِ الْآيَةَ تَنَاوَلَتْ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ قَالَ :﴿ إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ ؛ وَتِلْكَ صِفَةُ الْكُفَّارِ ؟ قُلْنَا : الْحِرَابَةُ تَكُونُ بِالِاعْتِقَادِ الْفَاسِدِ، وَقَدْ تَكُونُ بِالْمَعْصِيَةِ، فَيُجَازَى بِمِثْلِهَا، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾.
فَإِنْ قِيلَ : ذَلِكَ فِيمَنْ يَسْتَحِلُّ الرِّبَا قُلْنَا : نَعَمْ، وَفِيمَنْ فَعَلَهُ، فَقَدْ اتَّفَقَتْ الْأَمَةُ عَلَى أَنْ مَنْ يَفْعَلُ الْمَعْصِيَةَ يُحَارَبُ، كَمَا لَوْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى الْعَمَلِ بِالرِّبَا، وَعَلَى تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.


الصفحة التالية
Icon