الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : الْأَلِفُ وَاللَّامُ مِنْ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ بَيَّنَّا مَعْنَاهُمَا فِي الرِّسَالَةِ الْمُلْجِئَةِ.
وَقُلْنَا : إنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ يَجْتَمِعَانِ فِي الِاسْمِ وَيَرِدَانِ عَلَيْهِ لِلتَّخْصِيصِ وَلِلتَّعْيِينِ، وَكِلَاهُمَا تَعْرِيفٌ بِمَنْكُورٍ عَلَى مَرَاتِبَ ؛ فَإِنْ دَخَلَتْ لِتَخْصِيصِ الْجِنْسِ فَمِنْ فَوَائِدِهَا صَلَاحِيَةُ الِاسْمِ لِلِابْتِدَاءِ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾.
و ﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ﴾.
وَإِنْ دَخَلَتْ لِلتَّعْيِينِ فَفَوَائِدُهُ مُقَرَّرَةٌ هُنَالِكَ، وَهِيَ إذَا اقْتَضَتْ تَخْصِيصَ الْجِنْسِ أَفَادَتْ التَّعْمِيمَ فِيهِ بِحُكْمِ حَصْرِهَا لَهُ عَنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الْخَبَرُ عَنْهَا وَالْمُتَعَلِّقُ بِهَا صَالِحًا فِي رَبْطِهِ بِهَا دُونَ مَا سِوَاهَا، وَهَذَا مَعْلُومٌ لُغَةً.
وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَهْلُ الْوَقْفِ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ كَمَا أَنْكَرُوا جَمِيعَ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ عَلَيْهِمْ فِي التَّلْخِيصِ.
وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾ عَامٌّ فِي كُلِّ سَارِقٍ وَسَارِقَةٍ، وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : رَدًّا عَلَى مَنْ يَرَى أَنَّهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ، وَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَفْهَمْ الْمُجْمَلَ، وَلَا الْعَامَّ ؛ فَإِنَّ السَّرِقَةَ إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً لُغَةً إذْ لَيْسَتْ لَفْظَةً شَرْعِيَّةً بِاتِّفَاقٍ رُبِطَتْ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ تَخْصِيصًا، وَعُلِّقَ عَلَيْهَا الْخَبَرُ بِالْحُكْمِ رَبْطًا، فَقَدْ أَفَادَتْ الْمَقْصُودَ، وَجَرَتْ عَلَى الِاسْتِرْسَالِ وَالْعُمُومِ، إلَّا فِيمَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ، وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَهَا :" وَالسَّارِقُونَ وَالسَّارِقَاتُ " ؛ لِيُبَيِّنَ إرَادَةَ الْعُمُومِ.
وَاَلَّذِي يَقْطَعُ لَك بِصِحَّةِ إرَادَةِ الْعُمُومِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ مُحَالٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ


الصفحة التالية
Icon