الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : وَمِنْهُ كُلُّ مَالٍ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْفَوَاكِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُبَاعُ وَيُبْتَاعُ وَتَمْتَدُّ إلَيْهِ الْأَطْمَاعُ، وَتُبْذَلُ فِيهِ نَفَائِسُ الْأَمْوَالِ.
وَشُبْهَةُ أَبِي حَنِيفَةَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ التَّغَيُّرِ وَالْفَسَادِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِيهِ لَمَا لَزِمَ الضَّمَانُ لِمُتْلِفِهِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : وَمِنْهُ كُلُّ مَا كَانَ أَصْلُهُ عَلَى الْإِبَاحَةِ ؛ كَجَوَاهِرِ الْأَرْضِ وَمَعَادِنِهَا، وَشِبْهِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحَ الْأَصْلِ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ، فَتَنْتَصِبُ إبَاحَةُ أَصْلِهِ شُبْهَةً فِي إسْقَاطِ الْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ.
قُلْنَا : لَا تَضُرُّ إبَاحَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ إذَا طَرَأَ التَّحْرِيمُ، كَالْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ قَوْمٍ، فَإِنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ يُوجِبُ الْحَدَّ عِنْد خُلُوصِهَا لِأَحَدِهِمْ، وَلَا تُوجِبُ الْإِبَاحَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ شُبْهَةً.
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرِ وَلَا كَثَرٍ إلَّا مَا أَوَاهُ الْجَرِينُ ﴾.
رَوَاهُ قَلِيلَهْ وَأَبُو دَاوُد.
وَانْفَرَدَ قَلِيلَهْ :﴿ وَلَا فِي حَرِيسَةِ جَبَلٍ إلَّا فِيمَا أَوَاهُ الْمَرَاحُ ﴾.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : وَمِنْهُ مَا إذَا سَرَقَ حُرًّا صَغِيرًا.
قَالَ مَالِكٌ : عَلَيْهِ الْقَطْعُ.
وَقِيلَ : لَا قَطْعَ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ.
قُلْنَا : هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الْمَالِ ؛ وَلَمْ يُقْطَعُ السَّارِقُ فِي الْمَالِ لِعَيْنِهِ، وَإِنَّمَا قُطِعَ لِتَعَلُّقِ النُّفُوسِ بِهِ، وَتَعَلُّقِهَا بِالْحُرِّ أَكْثَرُ مِنْ تَعَلُّقِهَا بِالْعَبْدِ.