الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ :[ حُكْمُ الشَّرِيكِ ] : لَمَّا ثَبَتَ اعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي الْقَطْعِ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : إذَا اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا عَلَى إخْرَاجِ نِصَابٍ مِنْ حِرْزِهِ ؛ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ، أَوْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إخْرَاجَهُ إلَّا بِتَعَاوُنِهِمْ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِالتَّعَاوُنِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ جَمِيعُهُمْ بِاتِّفَاقٍ مِنْ عُلَمَائِنَا.
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُخْرِجهُ وَاحِدٌ وَاشْتَرَكُوا فِي إخْرَاجِهِ فَاخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا فِيهِ عَلَى قَوْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا : لَا قَطْعَ فِيهِ.
وَالثَّانِي : فِيهِ الْقَطْعُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ : لَا يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ الْمُشْتَرِكُونَ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَجِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي حِصَّتِهِ نِصَابٌ ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النِّصَابِ وَمَحَلِّهِ حِينَ لَمْ يَقْطَعْ إلَّا مِنْ سَرَقَ نِصَابًا، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ لَمْ يَسْرِقْ نِصَابًا، فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ.
وَدَلِيلُنَا : الِاشْتِرَاكُ فِي الْجِنَايَةِ لَا يُسْقِطُ عُقُوبَتَهَا، كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْقَتْلِ، وَمَا أَقْرَبَ مَا بَيْنَهُمَا ؛ فَإِنَّا قَتَلْنَا الْجَمَاعَةَ بِقَتْلِ الْوَاحِدِ، صِيَانَةً لِلدِّمَاءِ، لِئَلَّا يَتَعَاوَنَ عَلَى سَفْكِهَا الْأَعْدَاءُ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَمْوَالِ مِثْلُهُ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ سَاعَدَنَا الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا اشْتَرَكُوا فِي قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ قُطِعُوا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا.