الْوَفَاءِ بِشُرُوطِهِمْ.
وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ يُوفَى بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ ﴾.
ثُمَّ قَالَ :﴿ مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ، مَنْ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَطَ مِائَةَ شَرْطٍ ﴾.
فَبَيَّنَ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ مَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى، أَيْ دِينَ اللَّهِ تَعَالَى، كَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِعَقْدٍ إلَّا أَنْ يُعْقَدَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ.
وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَلْتَزِمُوا الْوَفَاءَ بِعُهُودِهِمْ وَشُرُوطِهِمْ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا مَا يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، فَيَسْقُطَ.
وَلَا يَمْنَعُ هَذَا التَّعَلُّقَ بِعُمُومِ الْقَوْلَيْنِ ؛ وَلِذَلِكَ حَثَّ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ، فَقَالَ :﴿ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
وَأَمَرَ بِالْكَفِّ عَنْ الشَّرِّ، فَقَالَ :﴿ لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ ﴾.
فَهَذَا حَثٌّ عَلَى فِعْلِ كُلِّ خَيْرٍ وَاجْتِنَابِ كُلِّ شَرٍّ.
فَأَمَّا اجْتِنَابُ الشَّرِّ فَجَمِيعُهُ وَاجِبٌ.
وَأَمَّا فِعْلُ الْخَيْرِ فَيَنْقَسِمُ إلَى مَا يَجِبُ وَإِلَى مَا لَا يَجِبُ ؛ وَكَذَلِكَ الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ، وَلَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْوُجُوبُ، إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى نَدْبِهِ ؛ وَقَدْ جَهِلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ : لَمَّا كَانَتْ الْعُقُودُ الْبَاطِلَةُ وَالشُّرُوطُ الْبَاطِلَةُ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَالْجَائِزُ مِنْهَا مَحْصُورٌ فَصَارَ مَجْهُولًا فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَلَا بِالشُّرُوطِ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَهِيَ عِبَارَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قُلْنَا : وَمَا لَا يَجُوزُ [ كَيْفَ ] يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ أَمْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ مُجْمَلًا.
وَاَللَّهُ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَلَا بِالْبَاطِلِ : لَقَدْ ضَلَّتْ إمَامَتُك وَخَابَتْ أَمَانَتُك، وَعَلَى هَذَا لَا دَلِيلَ فِي الشَّرْعِ لِأَمْرٍ يُفْعَلُ ؛ فَإِنَّ مِنْهُ كُلِّهِ مَا لَا يَجُوزُ، وَمِنْهُ مَا يَجُوزُ، فَيُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ أَدِلَّةِ


الصفحة التالية
Icon