الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : رَوَى الْأَئِمَّةُ بِأَجْمَعِهِمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ كَانَ الْمُسْلِمُونَ إذَا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَتَجَنَّبُونَ الصَّلَاةَ فَيَجْتَمِعُونَ، وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ النَّصَارَى.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ : اتَّخِذُوا قَرْنًا مِثْل قَرْنِ الْيَهُودِ ؛ فَقَالَ عُمَرُ : أَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بِلَالُ ؛ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ ﴾.
وَفِي الْمُوَطَّإِ وَأَبِي دَاوُد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ :﴿ لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ لِيُعْمَلَ حَتَّى يُضْرَبَ بِهِ فَيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا، فَقُلْت لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ، تَبِيعُ هَذَا النَّاقُوسَ ؟ فَقَالَ لِي : مَا تَصْنَعُ بِهِ ؟ فَقُلْت : نَدْعُو بِهِ لِلصَّلَاةِ.
قَالَ : أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ ؟ فَقُلْت : بَلَى.
فَقَالَ : تَقُولُ : اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ فَذَكَرَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ.
فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت، فَقَالَ : إنَّهَا لِرُؤْيَا حَقٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ.
فَفَعَلْت ﴾.
﴿ فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ الْأَذَانَ خَرَجَ مُسْرِعًا، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ، فَأُخْبِرَ الْخَبَرَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ، لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ الَّذِي رَأَى.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾.
وَفِي ذَلِكَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ عَلَى أَخْبَارِ الْأَذَانِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ وَمَسَائِلِهِ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ.