الْآيَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾.
فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : نَزَلَتْ فِي قَبِيلَتَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ شَرِبُوا الْخَمْرَ وَانْتَشَوْا، فَعَبَثَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، فَلَمَّا صَحَوْا، وَرَأَى بَعْضُهُمْ فِي وَجْهِ بَعْضٍ آثَارَ مَا فَعَلُوا، وَكَانُوا إخْوَةً لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ضَغَائِنُ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُولُ : لَوْ كَانَ أَخِي بِي رَحِيمًا مَا فَعَلَ هَذَا بِي، فَحَدَثَتْ بَيْنَهُمْ الضَّغَائِنُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ ﴾ الْآيَةَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ كَمَا فُعِلَ بِعَلِيٍّ، وَرُوِيَ : بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فِي الصَّلَاةِ حِينَ أَمَّ النَّاسَ، فَقَرَأَ : قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْله تَعَالَى ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ فَقَالَ عُمَرُ : انْتَهَيْنَا.
حِينَ عَلِمَ أَنَّ هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ، ﴿ وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ : أَلَا إنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ ؛ فَكُسِرَتْ الدِّنَانُ، وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ حَتَّى جَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ، وَمَا كَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمئِذٍ إلَّا مِنْ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ ﴾، وَهَذَا ثَابِتٌ صَحِيحٌ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا ﴾ وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِلتَّحْرِيمِ، وَتَشْدِيدٌ فِي الْوَعِيدِ.
قَالَ : فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَلَيْسَ عَلَى الرَّسُولِ إلَّا الْبَلَاغُ، فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا