الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾ : قَالُوا : مِنْ قَوْله تَعَالَى :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ ﴾ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِ :﴿ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ ﴾ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِ فِي كُلِّ مُحَرَّمٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ :﴿ إلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ﴾.
وَاَلَّذِي يُتْلَى هُوَ الْقُرْآنُ، لَيْسَ السُّنَّةَ.
قُلْنَا : كُلُّ كِتَابٍ يُتْلَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا كُنْت تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ ﴾ وَكُلُّ سُنَّةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهِيَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ :﴿ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا غَنَمُك وَجَارِيَتُك فَرَدٌّ عَلَيْك، وَعَلَى ابْنِك جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ ﴾.
وَلَيْسَ هَذَا فِي الْقُرْآنِ، وَلَكِنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي أَوْحَاهُ إلَى رَسُولِهِ عِلْمًا مِنْ كِتَابِهِ الْمَحْفُوظِ عِنْدَهُ.
وَالدَّلِيلُ الثَّانِي : فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ؛ قَالَ :﴿ لَعَنَ اللَّهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَات، وَالْمُتَنَمِّصَاتِ، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، وَالْمُغَيِّرَاتِ لِخَلْقِ اللَّهِ ﴾.
فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ فَقَالَتْ : إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّك لَعَنْت كَيْتَ وَكَيْتَ.
فَقَالَ : وَمَا لِي لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ أَلَيْسَ هُوَ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؟ فَقَالَتْ : لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ.
فَقَالَ : لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ.
أَوَمَا قَرَأْتِ :﴿ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾ ؟ قَالَتْ : بَلَى.
قَالَ : فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ.
قَالَتْ : فَإِنِّي أَرَى أَهْلَك يَفْعَلُونَهُ.
قَالَ : فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ