الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ﴾ قَالَ عُلَمَاؤُنَا : الْعَدْلُ وَالْعِدْلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا : هُوَ الْمِثْلُ، وَيُؤْثَرُ عَنْ السَّكَّاكِيِّ أَنَّهُ قَالَ : عِدْلُ الشَّيْءِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ، وَبِفَتْحِ الْعَيْنِ مِثْلُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَأَرَادَ أَوْ يَصُومُ صَوْمًا مُمَاثِلًا لِلطَّعَامِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُمَاثِلَ الطَّعَامُ الطَّعَامَ فِي وَجْهٍ أَقْرَبَ مِنْ الْعَدَدِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ.
وَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ قَالَ : يَصُومُ عَلَى عَدَدِ الْمَسَاكِينِ فِي الطَّعَامِ لَا عَلَى عَدَدِ الْأَمْدَادِ الْأَشْهُرِ، وَهُوَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا، وَالْكَافَّةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَهُ بِالْأَمْدَادِ، وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ : عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي لِمَالِكٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَصُومُ عَنْ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا اعْتِبَارًا بِفِدْيَةِ الْأَذَى.
وَاعْتِبَارُ الْكَفَّارَةِ بِالْفِدْيَةِ لَا وَجْهَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نُظَرَائِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا : إنَّمَا يُفْتَقَرُ إلَى الْحَكَمَيْنِ فِي مَوْضِعَيْنِ ؛ فِي الْجَزَاءِ مِنْ النَّعَمِ، وَالْإِطْعَامِ ؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ بَلْ يَحْتَاجُ إلَيْهِمَا فِي الْحَالِ كُلِّهَا، وَهِيَ تَنْحَصِرُ فِي مَوَاضِعَ سَبْعَةٍ : الْأَوَّلُ : هَلْ يُحْكَمُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ أَوْ فِي الْعَمْدِ وَحْدَهُ ؟ الثَّانِي : هَلْ يُحْكَمُ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ كَمَا يَكُونُ فِي الْإِحْرَامِ ؟ الثَّالِثُ : هَلْ يُحْكَمُ بِالْجَزَاءِ حَيَوَانًا أَوْ قِيمَةً ؟ الرَّابِعُ : إذَا رَأَى الْحَيَوَانَ جَزَاءً عَنْ حَيَوَانٍ.
فِي تَعْيِينِ الْحَيَوَانِ خِلَافٌ كَثِيرٌ لَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيطِ نَظَرِهِ عَلَيْهِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهِ ؛ هَلْ يَسْتَوِي صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ كَمَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِتَابِ حِينَ جَعَلَهُ كَالدِّيَةِ أَمْ لَا ؟ وَهَلْ يُرَاعِي صِفَاتِهِ أَجْمَعَ حَتَّى الْجَمَالِ وَالْحُسْنِ، أَمْ تُرَاعَى


الصفحة التالية
Icon