الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : إذَا دَلَّ الْحَرَامُ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ الْحَلَالُ فَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا ؛ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ؛ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ أَشْهَبُ : يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ ؛ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَالْمَسْأَلَةُ غَامِضَةُ الْمَأْخَذِ بَعِيدَةُ الْغَوْرِ، وَلِعُلَمَائِنَا فِيهَا ثَلَاثَةُ طُرُقٍ بَيَّنَّاهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
أَقْوَاهَا طَرِيقُ مَنْشَأِ غَوْرٍ.
وَقَالَ الْجَوْنِيُّ : الضَّمَانُ إنَّمَا يَجِبُ فِي الشَّرِيعَةِ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : إمَّا بِإِتْلَافٍ مُبَاشِرٍ، كَالْقَتْلِ.
أَوْ بِتَلَفٍ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ، كَمَا لَوْ مَاتَ الْحَيَوَانُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ.
أَوْ بِسَبَبٍ يَتَعَلَّقُ بِالْفَاعِلِ ؛ كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي جِهَةِ التَّعَدِّي ؛ وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَبَطَلَ تَعَلُّقُ الْجَزَاءِ بِهِ.
وَعَوَّلَ مَنْ أَوْجَبَ الْجَزَاءَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْمُتَقَدِّمِ :﴿ هَلْ أَشَرْتُمْ ؟ هَلْ أَعَنْتُمْ ؟ ﴾ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ لَوْ أَشَارَ أَوْ أَعَانَ عَلَيْهِ.
قُلْنَا : إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ ؛ فَأَمَّا عَلَى وُجُوبِ الْجَزَاءِ فَلَا.


الصفحة التالية
Icon