ذَنْبًا، وَلَا يَتَوَقَّعُونَ فِيهَا ثَأْرًا، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى قَاتِلَ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَأَخِيهِ فَلَا يُؤْذِيهِ.
وَاقْتَطَعُوا فِيهَا ثُلُثَ الزَّمَانِ، وَوَصَلُوا مِنْهَا ثَلَاثَةً مُتَوَالِيَةً، فُسْحَةً وَرَاحَةً، وَمَجَالًا لِلسِّيَاحَةِ فِي الْأَمْنِ وَاسْتِرَاحَةً، وَجَعَلُوا مِنْهَا وَاحِدًا مُفْرَدًا فِي نِصْفِ الْعَامِ دَرْكًا لِلِاحْتِرَامِ ؛ ثُمَّ يَسَّرَ لَهُمْ الْإِلْهَامَ، وَشَرَعَ عَلَى أَلْسِنَةِ الرُّسُلِ الْكِرَامِ الْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ، فَكَانُوا إذَا أَخَذُوا بَعِيرًا أَشْعَرُوهُ دَمًا، وَعَلَّقُوا عَلَيْهِ نَعْلًا.
رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : أَنَّ الْقَلَائِدَ حَبْلٌ يَفْتِلُهُ، وَنَعْلَانِ يُقَلِّدُهُمَا، وَالنَّعْلُ الْوَاحِدُ تُجْزِي ؛ وَلِذَلِكَ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُقَلِّدُ نَعْلَيْنِ.
وَرُبَّمَا قَلَّدَ نَعْلًا وَاحِدًا، فَإِذَا فَعَلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فِي بَعِيرِهِ أَوْ فِي نَفْسِهِ لَمْ يَرُعْهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَقِيَهُ، وَكَانَ الْفَيْصَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ طَلَبَهُ أَوْ ظَلَمَهُ، حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ، وَبَيَّنَ الْحَقَّ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَانْتَظَمَ الدِّينُ فِي سَلْكِهِ، وَعَادَ الْحَقُّ إلَى نِصَابِهِ، وَبِهَذَا وَجَبَتْ الْخِلَافَةُ هُدًى، وَمَنَعَ اللَّهُ الْخَلْقَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى، فَأُسْنِدَتْ الْإِمَامَةُ إلَيْهِ، وَانْبَنَى وُجُوبُهَا عَلَى الْخَلْقِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلِيُبَدِّلْنَهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي وَلَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ﴾ إلَى آخِرِ الْآيَةِ : الْمَعْنَى أَنَّهُ دَبَّرَ ذَلِكَ مِنْ حُكْمِهِ، وَأَنْفَذَهُ مِنْ قَضَائِهِ