الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ إنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ : هَذَا الْمَسَاقُ يُعَضِّدُ مِنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى أَنَّ سَبَبَهَا سُؤَالُ ذَلِكَ الرَّجُلِ : مَنْ أَبِي ؟ لِأَنَّهُ لَوْ كَشَفَ لَهُ عَنْ سِرِّ أُمِّهِ رُبَّمَا كَانَتْ قَدْ بَغَتْ عَلَيْهِ فَيَلْحَقُ الْعَارُ بِهِمْ.
وَلِذَلِكَ رُوِيَ أَنَّ أُمَّ السَّائِلِ قَالَتْ لَهُ : يَا بُنَيَّ ؛ أَرَأَيْت أُمَّك لَوْ قَارَفْت بَعْضَ مَا كَانَ يُقَارِفُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، أَكُنْت تَفْضَحُهَا ؟ فَكَانَ السَّتْرُ أَفْضَلَ.
وَيُعَضِّدُهُ أَيْضًا رِوَايَةُ مَنْ رَوَى عَنْ تَفْسِيرِ فَرْضِ الْحَجِّ ؛ فَإِنَّ تَكْرَارَهُ مُسْتَثْنًى لِعَظِيمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ، وَعَظِيمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ إنَّ اللَّهَ أَمَرَكُمْ بِأَشْيَاءَ فَامْتَثِلُوهَا، وَنَهَاكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ فَاجْتَنِبُوهَا، وَسَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً مِنْهُ، فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا ﴾.