الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي تَفْسِيرِ الْمُسَمَّيَاتِ فِيهَا لُغَةٌ : فَالْبَحِيرَةُ، هِيَ : النَّاقَةُ الْمَشْقُوقَةُ الْأُذُنُ لُغَةً، يُقَالُ : بَحَرْت أُذُنَ النَّاقَةِ أَيْ شَقَقْتهَا.
وَالسَّائِبَةُ، هِيَ : الْمُخَلَّاةُ لَا قَيْدَ عَلَيْهَا وَلَا رَاعِيَ لَهَا.
وَالْوَصِيلَةُ فِي الْغَنَمِ : كَانَتْ الْعَرَبُ إذَا وَلَدَتْ الشَّاةُ أُنْثَى كَانَتْ لَهُمْ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا كَانَتْ لِآلِهَتِهِمْ، وَإِنْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى قَالُوا : وَصَلَتْ أَخَاهَا، فَكَانَ الْكُلُّ لِلْآلِهَةِ، وَلَمْ يَذْبَحُوا الذَّكَرَ.
وَالْحَامِي : كَانَتْ الْعَرَبُ إذَا نَتَجَتْ مِنْ صُلْبِ الْفَحْلِ عَشَرَةُ أَبْطُنٍ قَالُوا : حَمَى ظَهْرَهُ فَسَيَّبُوهُ لَا يُرْكَبُ وَلَا يُهَاجُ.
وَلِهَذِهِ الْآيَةِ تَفْسِيرٌ طَوِيلٌ بِاخْتِلَافٍ كَثِيرٍ يَرْجِعُ إلَى مَا أَوْضَحَهُ مَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ مَالِكٌ : كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْتِقُونَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ يُسَيِّبُونَهَا، فَأَمَّا الْحَامِي فَمِنْ الْإِبِلِ ؛ كَانَ الْفَحْلُ إذَا انْقَضَى ضِرَابُهُ جَعَلُوا عَلَيْهِ مِنْ رِيشِ الطَّوَاوِيسِ وَسَيَّبُوهُ.
وَأَمَّا الْوَصِيلَةُ فَمِنْ الْغَنَمِ وَلَدَتْ أُنْثَى بَعْدَ أُنْثَى سَيَّبُوهَا.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ أَوَّلُ مَنْ نَصَبَ النُّصُبَ، وَسَيَّبَ السَّوَائِبَ، وَغَيَّرَ عَهْدَ إبْرَاهِيمَ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ ؛ وَلَقَدْ رَأَيْته يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، يُؤْذِي أَهْلَ النَّارِ بِرِيحِهِ ﴾.
قَالَ : وَأَوَّلُ مَنْ بَحَرَ الْبَحَائِرَ ﴿ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ عَمَدَ إلَى نَاقَتَيْنِ لَهُ، فَجَدَعَ آذَانَهُمَا، وَحَرَّمَ أَلْبَانَهُمَا وَظُهُورَهُمَا، ثُمَّ احْتَاجَ إلَيْهِمَا، فَشَرِبَ أَلْبَانَهُمَا، وَرَكِبَ ظُهُورَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَقَدْ رَأَيْتهمَا فِي النَّارِ يَخْبِطَانِهِ بِأَخْفَافِهِمَا وَيَعَضَّانِهِ بِأَفْوَاهِهِمَا ﴾.
وَنَحْوُهُ عَلِيُّ بْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ