قَالُوا : فَإِنَّا نَفْقِدُ بَعْضَ الَّذِي مَضَى بِهِ صَاحِبُنَا مَعَهُ.
قَالُوا : مَا لَنَا عَمَّا مَضَى بِهِ مِنْ عِلْمٍ، وَلَا بِمَا كَانَ فِي وَصِيَّتِهِ ؛ وَلَكِنْ دَفَعَ إلَيْنَا هَذَا الْمَالَ وَالْمَتَاعَ، فَبَلَّغْنَاكُمُوهُ كَمَا دَفَعَهُ إلَيْنَا.
فَرَفَعُوا أَمْرَهُمْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرُوا لَهُ الْأَمْرَ، فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ إلَى ﴿ الْآثِمِينَ ﴾ فَقَامَا فَحَلَفَا عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إدْبَارَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَخَلَّى سَبِيلَهُمَا، ثُمَّ طَلَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى إنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشٍ مُمَوَّهٍ بِالذَّهَبِ عِنْدَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، فَقَالُوا : هَذَا مِنْ آنِيَةِ صَاحِبِنَا الَّتِي مَضَى بِهَا مَعَهُ، وَقَدْ قُلْتُمَا إنَّهُ لَمْ يَبِعْ مِنْ مَتَاعِهِ شَيْئًا، فَقَالَا : إنَّا كُنَّا قَدْ اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ، فَنَسِينَا أَنْ نُخْبِرَكُمْ بِهِ ؛ فَرَفَعُوا أَمْرَهُمْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ :﴿ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا ﴾ إلَى ﴿ الْفَاسِقِينَ ﴾ فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ، فَحَلَفَا بِاَللَّهِ إنَّهُ فِي وَصِيَّتِهِ، وَإِنَّهَا لَحَقٌّ، وَلَقَدْ خَانَهُ تَمِيمٌ وَعَدِيٌّ.
فَأَخَذَ تَمِيمٌ وَعَدِيٌّ بِكُلِّ مَا وُجِدَ فِي الْوَصِيَّةِ لَمَّا اطَّلَعَ عِنْدَهُمَا مِنْ الْخِيَانَةِ }.
وَقَدْ ذَكَرَهُ مُقَاتِلُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ الْحَسَنِ، وَعَنْ الضَّحَّاكِ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوُهُ إلَّا أَنَّهُ قَالَ :{ رَكِبُوا الْبَحْرَ مَعَ الْمَوْلَى بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَقَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ وَعَرَفُوهُ مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ وَوَرِقٍ وَهِيَ الْفِضَّةُ، فَمَرِضَ الْمَوْلَى، فَجَعَلَ وَصِيَّتَهُ إلَى تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ النَّصْرَانِيِّينَ، وَذَكَرَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ : أَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، فَحَلَفَا بِاَللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنْ