الدَّارِيِّ وَعَدِيٌّ الْمَدِينَةَ، وَدَفَعَا الْمَتَاعَ إلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَإِلَى الْمُطَّلِبِ، وَأَخْبَرَاهُمَا بِمَوْتِ بُدَيْلٍ، فَقَالَ عَمْرٌو وَالْمُطَّلِبُ : لَقَدْ مَضَى مِنْ عِنْدِنَا بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا ؟ قَالَا : لَا.
فَمَضَوْا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْلَفَ لَهُمَا تَمِيمًا وَعَدِيًّا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا تَرَكَ عِنْدَنَا غَيْرَ هَذَا.
ثُمَّ إنَّ عَمْرًا وَالْمُطَّلِبَ ظَهَرَا عَلَى آنِيَةٍ عِنْدَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيٍّ، فَقَالَا : هَذِهِ الْآنِيَةُ لَنَا، وَهِيَ مِمَّا مَضَى بِهِ بُدَيْلٌ مِنْ عِنْدِنَا.
فَقَالَ لَهُمْ تَمِيمٌ وَصَاحِبُهُ عَدِيٌّ : اشْتَرَيْنَا هَذِهِ الْآنِيَةَ مِنْهُ.
فَقَالَ عَمْرٌو وَالْمُطَّلِبُ : قَدْ سَأَلْنَاكُمَا هَلْ بَاعَ شَيْئًا ؟ فَقُلْتُمَا : لَا، وَقَدْ كَانَتْ وَصِيَّةُ بُدَيْلٍ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْ شَيْئًا.
فَحَلَفَ عَمْرٌو وَالْمُطَّلِبُ وَاسْتَحَقَّا الْآنِيَةَ }.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ الْآيَاتِ الثَّلَاثَ نَزَلَتْ فِي ﴿ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَأَخِيهِ عَدِيٍّ، وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ، وَكَانَ مَتْجَرُهُمَا إلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى الْمَدِينَةِ قَدِمَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ تَاجِرًا فَخَرَجَ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَأَخِيهِ عَدِيٍّ حَتَّى إذَا كَانَا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرِضَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ، وَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ، وَدَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ، وَأَوْصَى إلَى تَمِيمٍ وَعَدِيٍّ، فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ، وَأَخَذَا مِنْهُ مَا أَرَادَا، وَأَوْصَلَا بَقِيَّةَ التَّرِكَةِ إلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ، فَفَتَحُوا فَوَجَدُوا وَصِيَّتَهُ، وَقَدْ كُتِبَ فِيهَا مَا خَرَجَ بِهِ، فَفَقَدُوا أَشْيَاءَ، فَسَأَلُوا تَمِيمًا وَعَدِيًّا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ : مَا نَدْرِي، هَذَا الَّذِي قَبَضْنَا لَهُ، فَرَفَعُوهَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ الْآيَةُ :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ الْآيَةَ.
فَأَمَرَ رَسُولُ