الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ مِنْكُمْ ﴾ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَالْكَافُ وَالْمِيمُ لِضَمِيرِهِمَا ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٌ.
الثَّانِي : مِنْ قَبِيلَتِكُمْ : قَالَهُ الْحَسَنُ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ.
الثَّالِثُ : مِنْكُمْ : مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ أَوْ ﴾ قِيلَ : هِيَ لِلتَّخْيِيرِ.
وَقِيلَ : لِلتَّفْصِيلِ.
مَعْنَاهُ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إنْ لَمْ تَجِدُوا مِنْكُمْ قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ، وَأَبُو مِجْلَزٍ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَابْنُ جُبَيْرٍ، وَشُرَيْحٌ ؛ وَيُرْوَى عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ.
وَتَحْقِيقُ النَّظَرِ فِي هَذَا الْفَصْلِ أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ مِنْكُمْ ﴾ قَدْ تَقَدَّمَ فِيهِ الْخِلَافُ، وَعَلَيْهِ يَتَرَكَّبُ قَوْلُهُ : أَوْ آخَرَانِ، وَقَوْلُهُ : غَيْرِكُمْ ؟ وَهِيَ مَسْأَلَتَانِ تَتِمُّ بِهِمَا سِتَّ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً، فَإِنْ كَانَ مِنْكُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكُمْ كَانَ قَوْلُهُ : غَيْرِكُمْ لِلْكَافِرِينَ، وَكَانَ الْآخَرَانِ مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِكُمْ كَانَ كَمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا " فَقَبِيلُ الْمَيِّتِ وَعَشِيرَتُهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ.
وَتَعَلَّقَ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ مِلَّتِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَاطَبَ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ : مِنْ غَيْرِكُمْ ؛ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ هُمْ الْكَافِرُونَ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ فَلِأَنَّ الْحَجَّ لَهُمْ وَالْكَلَامَ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ ؛ وَيُؤَكِّدُهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ قَالَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾.
ثُمَّ قَالَ ﴿ مِنْ غَيْرِكُمْ ﴾ يَعْنِي أَوْ آخَرَانِ عَدْلَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ.
وَبِهِ يَصِحُّ الْعَطْفُ، وَقَالَ :﴿ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ ﴾ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، وَإِذَا كَانَا مُؤْمِنَيْنِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ الْقَبِيلَةِ أَوْ مِنْ الْوَرَثَةِ، وَيَتَرَجَّحُ ذَلِكَ