الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فَقَوْلُهُ تَعَالَى :﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ﴾ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ قُرْبَهَا مِنْهُ قُرْبَ مَكَانَةٍ وَتَيْسِيرٍ، لَا قُرْبَ مَكَان.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا فِي مِلْكِهِ يُظْهِرُ مِنْهَا مَا يَشَاءُ وَيُخْفِي مَا يَشَاءُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ عَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ، وَرُكْنٌ مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ، مُعْظَمُهَا يَتَفَسَّرُ بِهَا، وَفِيهَا مِنْ الْأَحْكَامِ نُكْتَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ فَأَمَّا مَنْزَعُهَا فِي الْأُصُولِ فَقَدْ أَوْضَحْنَاهُ فِي كِتَابِ الْمُشْكِلَيْنِ ؛ وَأَمَّا نُكْتَتُهَا الْأَحْكَامِيَّةُ فَنُشِيرُ إلَيْهَا فِي هَذَا الْمَجْمُوعِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ مَضْمُونِهِ، وَمَعَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى مَا تَضَمَّنَهُ كِتَابُ الْمُشْكِلَيْنِ لِيَنْفَتِحَ بِذَلِكَ غَلْقُ الْحُكْمِ الْمَطْلُوبِ فِي هَذَا الْمَجْمُوعِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ﴾ وَاحِدُهَا مَفْتَحٌ وَمِفْتَاحٌ، وَجَمْعُهُ مَفَاتِحُ وَمَفَاتِيحُ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ مَعْنَى يَحِلُّ غَلْقًا، مَحْسُوسًا كَانَ كَالْقُفْلِ عَلَى الْبَيْتِ، أَوْ مَعْقُولًا كَالنَّظَرِ، وَالْخَبَرُ يَفْتَحُ قُفْلَ الْجَهْلِ عَنْ الْعِلْمِ وَالْغَيْبِ، وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : عِبَارَةٌ عَنْ مُتَعَلِّقٍ لَا يُدْرَكُ حِسًّا أَوْ عَقْلًا، وَكَمَا لَا يُدْرِكُ الْبَصَرُ مَا وَرَاءَ الْجِدَارِ أَوْ مَا فِي الْبَيْتِ الْمُقْفَلِ، كَذَلِكَ لَا تُدْرِكُ الْبَصِيرَةُ مَا وَرَاءَ الْمَحْسُوسَاتِ الْخَمْسِ، وَالْمَحْسُوسَاتُ مُنْحَصِرَةُ الطُّرُقِ بِانْحِصَارِ الْحَوَاسِّ وَالْمَعْقُولَاتُ لَا تَنْحَصِرُ طُرُقُهَا إلَّا مِنْ جِهَةِ قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا : مَا يُدْرَكُ بِبَدِيهَةِ النَّظَرِ.
الثَّانِي : مَا يَتَحَصَّلُ مِنْ سَبِيلِ النَّظَرِ.
أَمَّا إنَّهُ لَهُ أُمَّهَاتٌ خَمْسٌ وَقَعَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهَا وَجَاءَتْ الْعِبَارَةُ عَنْهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي


الصفحة التالية
Icon