الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إنَّ رَبَّك حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾.
رَوَى ابْنُ وَهْبٍ، وَابْنُ الْقَاسِمِ، وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ :﴿ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ قَالَ : بِالْعِلْمِ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ لَيْسَ الْعِلْمُ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ وَإِنَّمَا هُوَ نُورٌ يَضَعُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ مَنْ يَشَاءُ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ.
: لَيْسَ الْعِلْمُ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ ؛ وَإِنَّمَا هُوَ خَشْيَةُ اللَّهِ تَعَالَى.
رَوَى الْمَنْصُورُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ هِمَّةُ السُّفَهَاءِ الرِّوَايَةُ، وَهِمَّةُ الْعُلَمَاءِ الدِّرَايَةُ ﴾.
وَقَالَ مَالِكٌ، لِابْنَيْ أُخْتِهِ أَبِي بَكْرٍ وَإِسْمَاعِيلَ : إنْ أَحْبَبْتُمَا أَنْ يَنْفَعَكُمَا اللَّهُ بِهَذَا الشَّأْنِ فَأَقِلَّا مِنْهُ، وَتَفَقَّهَا فِيهِ.
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ : نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ فِي الدُّنْيَا.
قَالَ الْقَاضِي : وَصَدَقَ ؛ عِلْمُ الدُّنْيَا عِنْوَانُ الْآخِرَةِ وَسَبِيلُهَا.
وَاَلَّذِي أُوتِيَهُ إبْرَاهِيمَ مِنْ الْعِلْمِ بِالْحُجَّةِ، وَهِيَ الَّتِي تُذْكَرُ لِلْخَصْمِ عَلَى طَرِيقِ الْمُقَابَلَةِ كَانَ فِي الدُّنْيَا بِظُهُورِ دَلَالَةِ التَّوْحِيدِ وَبَيَانِ عِصْمَةِ إبْرَاهِيمَ عَنْ الْجَهْلِ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَالشَّكِّ فِيهِ، وَالْإِخْبَارِ أَنَّ مَا جَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمِهِ إنَّمَا كَانَ احْتِجَاجًا، وَلَمْ يَكُنْ اعْتِقَادًا، وَقَدْ مَهَّدْنَا ذَلِكَ فِي الْمُشْكِلَيْنِ