الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : بِعُمُومِ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَبِزِيَادَةِ ذِكْرِ غَيْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ الَّذِي يَقْتَضِي تَحْرِيمُهُ هَذَا اللَّفْظَ عُمُومًا وَمَعْنَاهُ تَنْبِيهًا مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى، وَيَقْتَضِي تَحْرِيمُهُ نَصًّا قَوْلُهُ :﴿ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾، فَقَدْ تَوَارَدَ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ النَّصُّ وَالْعُمُومُ وَالتَّنْبِيهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ لِظَاهِرِ أَدِلَّةِ الشَّرْعِ عَلَيْهِ أَوَّلًا.
وَهَذَا مِنْ بَدِيعِ الِاسْتِنْبَاطِ فِي مَوَارِدِ الْأَدِلَّةِ الْمُمَاثَلَةِ فِي اقْتِضَاءِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ، وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا تَرَكَ الْمُسْلِمُ التَّسْمِيَةَ عَلَيْهِ عَمْدًا مِنْ الذَّبَائِحِ أَمْ لَا ؟ مَسْأَلَةٌ مُشْكِلَةٌ جِدًّا قَدْ مَهَّدْنَا الْقَوْلَ فِيهَا فِي تَخْلِيصِ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَلَكِنَّنَا نُشِيرُ فِيهَا هَاهُنَا إلَى نُكْتَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَقْصُودِ ؛ فَنَقُولُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : إنْ تَرَكَهَا سَهْوًا أُكِلَتْ.
وَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَمْ تُؤْكَلْ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَعِيسَى، وَأَصْبَغُ.
الثَّانِي : إنْ تَرَكَهَا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا تُؤْكَلُ ؛ قَالَهُ الْحَسَنُ، وَالشَّافِعِيُّ.
الثَّالِثُ : أَنَّهُ إنْ تَرَكَهَا عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا حَرُمَ أَكْلُهَا ؛ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ، وَأَحْمَدُ.
الرَّابِعُ : إنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا كُرِهَ أَكْلُهَا وَلَمْ تُحَرَّمْ ؛ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ، وَالشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.
الْخَامِسُ : قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : التَّسْمِيَةُ شَرْطٌ فِي إرْسَالِ الْكَلْبِ دُونَ السَّهْمِ فِي إحْدَى رِوَايَتَيْهِ.
السَّادِسُ : قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَجِبُ أَنْ تُعَلَّقَ هَذِهِ الْأَحْكَامُ بِالْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالدَّلَائِلِ الْمَعْنَوِيَّةِ الَّتِي أَسَّسَتْهَا الشَّرِيعَةُ.
فَأَمَّا الْقُرْآنُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى :﴿ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ﴾.


الصفحة التالية
Icon