الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : إنَّ اللَّهَ ذَهَبَ بِمَالِهِ وَمَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُلْزِمْهُ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ الْخَرْصِ وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى تَلَفِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَحْلِفُ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ عِنْدَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ بَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُبَرِّئُهُ مِنْهَا إلَّا إيجَادُ الْبَرَاءَةِ ؛ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأَمَانَاتِ الَّتِي تَكُونُ مُسْتَحْفَظَةً عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ : فِي الْفُرُوعِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : تَرَكَّبَتْ عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ مَسْأَلَةٌ ؛ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْكَرْمِ وَالْفُرُوعِ وَالنَّخْلِ مُطْلَقًا، ثُمَّ فَسَّرَ النِّصَابَ بِقَوْلِهِ : لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ تَمْرٍ وَلَا حَبٍّ صَدَقَةٌ.
فَمَنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ مَعًا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ، أَوْ مِنْ زَبِيبٍ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهَا، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ تَمْرٍ وَزَبِيبٍ مَعًا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَمْ تَلْزَمْهُ زَكَاتُهُ إجْمَاعًا فِي الْوَجْهَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ مُخْتَلِفَانِ.
فَإِنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ طَعَامٍ بُرٍّ وَشَعِيرٍ مَعًا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ زَكَّاهُمَا [ مَعًا ] عِنْدَ مَالِكٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يُجْمَعَانِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُمَا، وَإِنَّمَا هِيَ أَنْوَاعٌ كُلُّهَا يُعْتَبَرُ النِّصَابُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى الِانْفِرَادِ ؛ لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الِاسْمِ الْخَاصِّ ؛ وَفِي حَالَةِ الطَّعْمِ.
وَالصَّحِيحُ ضَمُّهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا قُوَّتَانِ يَتَقَارَبَانِ، فَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ الِاسْمِ.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ.