إلَيْهَا بِالسُّنَّةِ مَا صَحَّ سَنَدُهُ، وَتَبَيَّنَ مَوْرِدُهُ، وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ، أَوْ كَفَرَ بَعْدَ إيمَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ ﴾.
وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ مَوْرِدَ الْآيَةِ مَجْهُولٌ.
فَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَّا أَنَّ مَوْرِدَهَا يَوْمُ عَرَفَةَ فَلَا يَحْرُمُ إلَّا مَا فِيهَا، وَإِلَيْهِ أَمِيلُ، وَبِهِ أَقُولُ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ : قُلْت لِجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ : إنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ ﴿ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ ﴾.
قَالَ : قَدْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ، وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْحَبْرُ يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، وَقَرَأَ :﴿ قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ ﴾ الْآيَةَ، وَكَذَلِكَ يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ مِثْلُهُ.
وَقَرَأَتْ الْآيَةَ كَمَا قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ : تَقْدِيرُ الْآيَةِ : قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا مِمَّا كُنْتُمْ تَسْتَخْبِثُونَهُ وَتَجْتَنِبُونَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ [ مَيْتَةً ] الْآيَةَ.
فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَلَا ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ أَشْيَاءَ مِنْهَا الْمُنْخَنِقَةُ وَأَخَوَاتُهَا.
وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ أَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ، مِنْهَا الْقَاذُورَاتُ، وَمِنْهَا الْخَمْرُ وَالْآدَمِيُّ.
الْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ : الْجَوَابُ الْأَوَّلُ : أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ رَدَّ هَذَا وَأَوْضَحَ الْمُرَادَ مِنْهُ وَالْحَقَّ فِيهِ، وَهُوَ الْحَبْرُ الْبَحْرُ التُّرْجُمَانُ.
الْجَوَابُ الثَّانِي : دَعْوَى وُرُودِ الْآيَةِ عَلَى سُؤَالٍ لَا يُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
الْجَوَابُ الثَّالِثُ : لَوْ صَحَّ السُّؤَالُ لَمَا آثَرَ خُصُوصَ السُّؤَالِ فِي عُمُومِ الْجَوَابِ الْوَارِدِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ وَبَيَّنَّاهُ فِيمَا قَبْلُ.
الْجَوَابُ الرَّابِعُ : وَأَمَّا قَوْلُهُمْ : إنَّ