أَشَرْنَا إلَيْهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُتَّصِلَ هُوَ أَصْلُ اللُّغَةِ، وَجُمْهُورُ الْكَلَامِ، وَلَا يُرْجَعُ إلَى الْمُنْقَطِعِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْمُتَّصِلُ.
وَتَعَذُّرُ الْمُتَّصِلِ يَكُونُ مِنْ وَجْهَيْنِ : إمَّا عَقْلِيًّا وَإِمَّا شَرْعِيًّا ؛ فَتَعَذُّرُ الِاتِّصَالِ الْعَقْلِيِّ هُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ قَبْلَ هَذَا فِي الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إيمَانُهَا إلَّا قَوْمَ يُونُسَ ﴾.
فَإِنَّ قَوْلَهُ :﴿ إلَّا قَوْمَ يُونُسَ ﴾ لَيْسَ رَفْعًا لِمُتَقَدِّمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى لَكِنْ.
وَقَوْلَهُ :﴿ طَه مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْك الْقُرْآنَ لِتَشْقَى إلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾.
وَقَوْلَهُ :﴿ إنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ ﴾ ﴿ إلَّا مَنْ ظَلَمَ ﴾.
عُدْنَا إلَى قَوْلِهِ :﴿ إلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ﴾، قُلْنَا : فَأَمَّا الَّذِي يُمْنَعُ أَنْ يَعُودَ إلَى مَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ إلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ :﴿ الْمُنْخَنِقَةُ ﴾ إلَى آخِرِهَا،


الصفحة التالية
Icon