الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : إنْ أَكَلَ الْكَلْبَ : فَفِيهَا رِوَايَتَانِ : أَحَدَاهُمَا : أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا : مِثْلُهُ، وَالثَّانِي : يُؤْكَلُ.
وَالرِّوَايَتَانِ مَبْنِيَّتَانِ عَلَى حَدِيثَيْ عَدِيٍّ وَأَبِي ثَعْلَبَةَ.
وَحَدِيثُ عَدِيٍّ أَصَحُّ، وَهُوَ الَّذِي يَعْضُدُهُ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ﴾.
وَفِي الْمَسْأَلَةِ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ ؛ مِنْهَا أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ يُحْمَلُ عَلَى الْكَرَاهِيَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيهِ :﴿ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ ﴾.
فَجَعَلَهُ خَوْفًا، وَذَلِكَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّحْرِيمِ.
وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا : الْأَصْلُ فِي الْحَيَوَانِ التَّحْرِيمُ، لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّكَاةِ وَالصَّيْدُ، وَهُوَ مَشْكُوكٌ فِيهِ " فَبَقِيَ عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ الْقَوْلَ الثَّانِيَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا لَمَا جَازَ الْبِدَارُ إلَى هَجْمِ الصَّيْدِ مِنْ فَمِ الْكَلْبِ، فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ لِيَأْكُلَ، فَيَجِبُ إذًا التَّوَقُّفُ حَتَّى نَعْلَمَ حَالَ فِعْلِ الْكَلْبِ بِهِ، وَذَلِكَ لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْكَلْبَ قَدْ يَأْكُلُ لِفَرْطِ جُوعٍ أَوْ نِسْيَانٍ، وَقَدْ يَذْهَلُ الْعَالِمُ النِّحْرِيرُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ، فَكَيْفَ بِالْبَهِيمَةِ الْعَجْمَاءِ أَنْ تَسْتَقْصِيَ عَلَيْهَا هَذَا الِاسْتِقْصَاءَ وَقَدْ أَخَذْنَا أَطْرَافَ الْكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَلْيُنْظَرْ هُنَاكَ.


الصفحة التالية
Icon