الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : وَإِذَا ثَبَتَ الْفَرْقُ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ فَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا تَفْصِيلَهُ فِي النَّوَازِلِ الْفِقْهِيَّةِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ مَنْ اسْتَثْقَلَ نَوْمًا عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ مِنْ الْأَحْوَالِ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : إنْ نَامَ عَلَى هَيْئَةٍ مِنْ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ لَمْ يَبْطُلْ وُضُوءُهُ، وَوَافَقَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الرُّكُوعِ، وَاحْتَجَّ بِحَدِيثَيْنِ : أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ :﴿ نَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَاجِدٌ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ؛ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إنَّك قَدْ نِمْت.
فَقَالَ : إنَّ الْوُضُوءَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، فَإِنَّهُ إذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ ﴾.
خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُد أَنْكَرَهُ، فَقَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْفُوظًا، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ :﴿ تَنَامُ عَيْنَايَ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي ﴾.
وَالْحَدِيثُ الثَّانِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿ : لَيْسَ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ قَائِمًا أَوْ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ؛ إنَّمَا الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعًا، فَإِنَّهُ إذَا اضْطَجَعَ اسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ ﴾.
وَهُوَ بَاطِلٌ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَأَوْضَحْنَا خَلَلَهُ.
وَأَمَّا ابْنُ حَبِيبٍ فِي الرُّكُوعِ فَإِنَّمَا بَنَى عَلَى أَنَّ الرَّاكِعَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَسْتَثْقِلَ نَوْمًا وَيَثْبُتَ رَاكِعًا، فَدَلَّ أَنَّ نَوْمَهُ ثَبَاتٌ وَخُلَسٌ لَا شَيْءَ فِيهَا.