الْآيَةُ الْخَامِسَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ﴾.
هَذِهِ الْآيَةُ بَيَانٌ شَافٍ وَإِيضَاحٌ كَافٍ فِي أَنَّ الْقَوْلَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ الْمُؤْمِنِ : سَمِعْت وَأَطَعْت، مَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ قَوْلِهِ بِامْتِثَالِ فِعْلِهِ ؛ فَأَمَّا إذَا قَصَّرَ فِي الْأَوَامِرِ فَلَمْ يَأْتِهَا، وَاعْتَمَدَ النَّوَاهِيَ بِاقْتِحَامِهَا فَأَيُّ سَمْعٍ عِنْدَهُ ؟ أَوْ أَيُّ طَاعَةٍ لَهُ ؟ وَإِنَّمَا يَكُونُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِيمَانَ، وَيُسِرُّ الْكُفْرَ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ :﴿ وَلَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ ﴾ الْآيَةَ يَعْنِي بِذَلِكَ الْمُنَافِقِينَ، فَالْخِبْرَةُ تَكْشِفُ التَّلْبِيسَ، وَالْفِعْلُ يُظْهِرُ كَمَائِنَ النُّفُوسِ.