فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ فَلَا تَتَعَدَّاهُ، وَلَا تَأْخُذُ بِالْعُقُوبَةِ سِوَاهُ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى فِي الْآيَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ.
فَأَمَّا اعْتِرَاضُهُمْ بِالْإِعْرَابِ وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : فَقَدْ أَوْضَحْنَاهَا فِي الرِّسَالَةِ الْمُلْجِئَةِ وَقُلْنَا : فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : أَنَّهُ أَمْرٌ ثُمَّ نَهْيٌ، كُلُّ وَاحِدٍ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ، كَمَا تَقُولُ : قُمْ غَدًا.
لَا تَتَكَلَّمْ الْيَوْمَ.
الثَّانِي : الْإِعْرَابُ اتَّقُوا فِتْنَةً إنْ لَمْ تَتَّقُوهَا أَصَابَتْكُمْ.
فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَ :( اتَّقُوا فِتْنَةً ) لَيْسَ بِكَلَامٍ مُسْتَقِلٍّ، فَيَصِحُّ أَنْ يَتَرَكَّبَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ جَوَابُ الطَّبَرِيِّ، فَلَا يُشْبِهُ مَنْزِلَتَهُ فِي الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّ مَجَازَهُ : لَا تُصِيبُ الَّذِينَ ظَلَمُوا، وَلَمْ يُرِدْ كَذَلِكَ.
الثَّالِثُ : قَالَ لَنَا شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّحْوِيُّ : هَذَا نَهْيٌ فِيهِ مَعْنَى جَوَابِ الْأَمْرِ، كَمَا يُقَالُ : لَا تَزُلْ مِنْ الدَّابَّةِ لَا تَطْرَحَنَّكَ، وَقَدْ جَاءَ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ :﴿ اُدْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ ﴾.
وَهَذَا مُنْتَهَى الِاخْتِصَارِ وَقَدْ طَوَّلْنَاهُ فِي مَكَانِهِ.