الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : وَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِلْمُسْلِمِينَ عَقْدُ الصُّلْحِ بِمَالٍ يَبْذُلُونَهُ لِلْعَدُوِّ : وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مُوَادَعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنٍ وَغَيْرِهِ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ السَّعْدَانِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ فَامْضِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَمْرًا لَمْ تُؤْمَرْ بِهِ، وَلَك فِيهِ هَوًى فَسَمْعٌ وَطَاعَةٌ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الرَّأْيَ وَالْمَكِيدَةَ، فَأَعْلِمْنَا بِهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ إنَّمَا هُوَ الرَّأْيُ وَالْمَكِيدَةُ ؛ لِأَنِّي رَأَيْت الْعَرَبَ قَدْ رَمَتْكُمْ بِقَوْسٍ وَاحِدَةٍ فَأَرَدْت أَنْ أَدْفَعَهَا عَنْكُمْ إلَى يَوْمٍ ﴾.
فَقَالَ السَّعْدَانِ : إنَّا كُنَّا كُفَّارًا، وَمَا طَمِعُوا مِنْهَا بِتَمْرَةٍ إلَّا بِشِرَاءٍ أَوْ بِقِرًى، فَإِذَا أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِك فَلَا نُعْطِيهِمْ إلَّا السَّيْفَ ؛ وَشَقَّا الصَّحِيفَةَ الَّتِي كَانَتْ كُتِبَتْ.