عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَقَالَ : أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ فَيَقُولُونَ : هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ }.
وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَصِحَّ سَنَدُهُ.
وَقَدْ احْتَجَّ ابْنُ أَبِي أَوْفَى عَلَى أَنَّهُ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ بِانْقِضَاءِ الْحَجِّ فِيهِ مِنْ النُّسُكِ، وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ، وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ فِيهِ :﴿ ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ ﴾.
وَغَاصَ مَالِكٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَجَمَعَ بَيْنَ الدَّلَائِلِ، وَقَالَ : إنَّ يَوْمَ النَّحْرِ فِيهِ الْحَجُّ كُلُّهُ ؛ لِأَنَّ الْوُقُوفَ إنَّمَا هُوَ فِي لَيْلَتِهِ، وَفِي صَبِيحَتِهِ الرَّمْيُ وَالْحَلْقُ وَالنَّحْرُ وَالطَّوَافُ، فَلَا يَبْقَى بَعْدَ هَذَا إشْكَالٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ " بَرَاءَةٌ " عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ لِيُقِيمَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ قِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ بَعَثْت بِهِ إلَى أَبِي بَكْرٍ.
فَقَالَ :{ إنَّهُ لَا يُؤَدِّي عَنِّي إلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي.
ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا، فَقَالَ لَهُ : اُخْرُجْ بِهَذِهِ الْقُصَّةِ مِنْ صَدْرِ بَرَاءَةَ، وَأَذِنَّ فِي النَّاسِ يَوْمَ النَّحْرِ إذَا اجْتَمَعُوا بِمِنًى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ كَافِرٌ، وَلَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَهُوَ لَهُ إلَى مُدَّتِهِ.
فَخَرَجَ عَلِيٌّ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَدْرَكَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، فَلَمَّا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ قَالَ : أَمِيرٌ أَمْ مَأْمُورٌ ؟ قَالَ بَلْ مَأْمُورٌ.
ثُمَّ مَضَيَا، فَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ الْحَجَّ، وَالْعَرَبُ إذْ ذَاكَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ عَلَى مَنَازِلِهِمْ مِنْ الْحَجِّ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى إذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ قَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَذَّنَ فِي النَّاسِ بِاَلَّذِي أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ