الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : قَوْله تَعَالَى ﴿ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ ﴾ : فِيهِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَوْلًا : الْأَوَّلُ : أَنْ يُعْطِيَهَا وَهُوَ قَائِمٌ وَالْآخِذُ جَالِسٌ ؛ قَالَهُ عِكْرِمَةُ الثَّانِي : يُعْطُونَهَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ يَمْشُونَ بِهَا ؛ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
الثَّالِثُ : يَعْنِي مِنْ يَدِهِ إلَى يَدِ آخِذِهِ، كَمَا تَقُولُ : كَلَّمَتْهُ فَمًا لِفَمٍ، وَلَقِيَتْهُ كِفَّةً كِفَّةً، وَأَعْطَيْته يَدًا عَنْ يَدٍ.
الرَّابِعُ : عَنْ قُوَّةٍ مِنْهُمْ.
الْخَامِسُ : عَنْ ظُهُورٍ.
السَّادِسُ : غَيْرَ مَحْمُودِينَ وَلَا مَدْعُوٍّ لَهُمْ.
السَّابِعُ : تُوجَأُ عُنُقُهُ.
الثَّامِنُ : عَنْ ذُلٍّ.
التَّاسِعُ : عَنْ غِنًى.
الْعَاشِرُ : عَنْ عَهْدٍ.
الْحَادِيَ عَشَرَ : نَقْدًا غَيْرَ نَسِيئَةٍ.
الثَّانِيَ عَشَرَ : اعْتِرَافًا مِنْهُمْ أَنَّ يَدَ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.
الثَّالِثَ عَشَرَ : عَنْ قَهْرٍ.
الرَّابِعَ عَشَرَ : عَنْ إنْعَامٍ بِقَبُولِهَا عَلَيْهِمْ.
الْخَامِسَ عَشَرَ : مُبْتَدِئًا غَيْرَ مُكَافِئٍ.
قَالَ الْإِمَامُ : هَذِهِ الْأَقْوَالُ مِنْهَا مُتَدَاخِلَةٌ، وَمِنْهَا مُتَنَافِرَةٌ، وَتَرْجِعُ إلَى مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُون الْمُرَادُ بِالْيَدِ الْحَقِيقَةَ، وَالْآخَرُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ الْمَجَازَ.
فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَقِيقَةَ فَيَرْجِعُ إلَى مَنْ قَالَ : إنَّهُ يَدْفَعُهَا بِنَفْسِهِ غَيْرَ مُسْتَنِيبٍ فِي دَفْعِهَا أَحَدًا.
وَأَمَّا جِهَةُ الْمَجَازِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ التَّعْجِيلَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْقُوَّةَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْمِنَّةَ وَالْإِنْعَامَ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : وَهُوَ قَائِمٌ وَالْآخِذُ جَالِسٌ فَلَيْسَ مِنْ قَوْلِهِ عَنْ يَدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِهِ : عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةُ : وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ : يَمْشُونَ بِهَا وَهُمْ كَارِهُونَ، مِنْ الصَّغَارِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ : وَلَا مَقْهُورِينَ يَعُودُ إلَى الصَّغَارِ وَالْيَدِ، وَحَقِيقَةُ الصَّغَارِ تَقْلِيلُ الْكَثِيرِ مِنْ الْأَجْسَامِ، أَوْ مِنْ الْمَعَانِي فِي