الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى ﴿ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ﴾ : كُلُّ قَوْلِ أَحَدٍ إنَّمَا هُوَ بِفِيهِ، وَلَكِنَّ الْحِكْمَةَ فِيهِ أَنَّهُ قَوْلٌ بَاطِلٌ لَا يَتَجَاوَزُ الْفَمَ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَحَرَّكَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ بِاضْطِرَارٍ، وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ، فَيَقِفُ حَيْثُ وُجِدَ، وَلَا يَتَعَدَّاهُ بِحَدٍّ، بِخِلَافِ الْأَقْوَالِ الصَّحِيحَةِ، فَإِنَّهَا تَنْتَظِمُ وَتَطَّرِدُ، وَتُعَضِّدُهَا الْأَدِلَّةُ، وَتَقُومُ عَلَيْهَا الْبَرَاهِينُ، وَتَنْتَشِرُ بِالْحَقِّ، وَتَظْهَرُ بِالْبَيَانِ وَالصِّدْقِ.